تكريس الجملوكية الجزائرية

للأسف، رغم سنوات الدم و القتل التي مرت على الجزائر، كنا ننتظر أن يبقى مكسب الديمقراطية والتداول السليم على السلطة بمثابة مثال وقدوة للعالم العربي، الذي كل دوله إما مملكة يورث الحكم فيها من الأب للابن أو الأخ، أو جمهورية لا يتغير رئيسها إلا بالموت أو الانقلاب، وقد يورث فيها الحكم أيضا للابن من خلال ما يسمى “تعديل الدستور” كما حدث في سوريا.

وكما حدث هذه الأيام بالجزائر، وإن كان رئيسها لا وارث له يرث الحكم من بعده، إلا أن تعديل الدستور كان بغرض جعله رئيسا مدى الحياة (عمره الآن 72 سنة)، وذلك من خلال جعل عدد العهدات الرئاسية مفتوحة وغير محددة.

تعديل الدستور الذي صادق عليه أغلبية النواب النائمين بنعم، تضمن تعديل مواد أخرى مثل حماية رموز الثورة، لا أدري لماذا الحماية الآن بعد 46 سنة من الاستقلال؟ وتضمن أيضا تعديلات على حقوق المرأة السياسية، ولا أدري هل سنرى لها ترجمة على أرض الواقع أو لا تلك الحقوق؟

كل هذه التعديلات كانت لزيادة العدد وحتى لا يبقى التعديل الخاص بالعهدات الرئاسية والمتعلق بالمادة 74 يتيما وحيدا.
بعد هذا التعديل وبعد أن صادق عليه نواب البرلمان المتناثرون في فنادق العاصمة، بعد هذا، انضمت الجزائر إلى قائمة الجملوكيات (الجمهوريات الملكية) العربية، بعد أن كانت الدولة العربية الوحيدة التي لا تتوفر فيها الشروط الكاملة للجملوكية.

كنا ننتظر تكريس الديمقراطية بالجزائر، ولكن ما حدث للأسف، هو تكريس لجملوكية جزائرية تحت غطاء ديمقراطية مقنعة، ويا ليتها تكون مثل سابقاتها من الجملوكيات العربية التي على الأقل استطاعت توفير الأمن لمواطنيها، الأمن هو العنصر المفقود والنادر دائما في القاموس الجزائري منذ بداية سنوات الإرهاب إلى غاية يومنا هذا ونحن نعيش في ظل ما يسمى الوئام والسلم والمصالحة، هذه المصطلحات التي عن طريقها كان يطالب بعض المتملقين أن يرشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لجائزة نوبل للسلام !!!

الرئيس بوتفليقة وبعد 9 سنوات من الحكم اعترف بفشله خلال خطابه يوم: 26/07/2008 أمام رؤساء المجالس البلدية والولائية، وأعضاء الحكومة والولاة، أظن أن من الأولى بالحاكم أو المسؤول الذي يعترف بفشله أن يترك مكانه لحاكم أو مسؤول آخر، لعلّه يفلح حيث فشل هو.

0 تعليقــات:

إرسال تعليق

free counters

عن المدونة

مقالات الكاتب و الناشط في مجال الأعمال الخيرية و الإنسانية جمال الدين بوزيان