صحوة البوركيني و النقاب

يا ليتها كانت صحوة في المضمون كما هي صحوة في المظاهر، بل و تلكع و غلو و مبالغة في تلبيس كل شيء عباءة الدين و الصحوة، المظهر الإسلامي ليس قشورا، لكن الاهتمام به لهذه الدرجة و الهوس به جعلنا نقول عنه قشورا.

ما يصطلح على تسميته بـ "الصحوة الإسلامية" أصبحت بادية أكثر في أشكال و لباس المسلمين، هذا إن كان فعلا ما يلبسونه هو الشكل النموذجي للمسلم الذي يرضي ربه و يسير على خطى نبيه و يدخل الجنة، لأن أغلبه لباسا أفغانيا للرجال، أو نقابا تنكريا للنساء، ربما قد يكون مفروضا في حالة ما إذا كانت صاحبته تضاحي الحور العين في جمالها و نورها.

ما لي أرى مظاهر التدين تزيد، بينما حال دنيا المسلمين يزداد فسادا، و القلوب تبتعد عن بعضها، و كأنها تطبق عكس الحديث الذي يصف المجتمع المسلم كأنه كالجسد الواحد في ترابطه.

ظاهريا، الصحوة موجودة، لكن في الواقع، الطمع و الجشع و الرشوة و الأحقاد أيضا تزداد بين الناس، الثقة بينهم منعدمة، المساجد ملئ بالمصلين، و القلوب خالية من الرحمة و الإيثار، الأنانية هي المحرك الأول و الوحيد لكل فرد، سواء ارتدى عباءة الصحوة و ركب مركبها، أو تخلف عنه، إذن، أين هو الفرق؟ بين شعوب ما قبل الصحوة و بين ما بعدها؟

صحيح أن عدد المصلين زاد، و انتشرت الثقافة الدينية، و انتشر الدعاة، و أصبح الجميع يعرفون ما هي النوافل، و يسارعون إلى صيام التطوع، لكن في نفس الوقت، نسبة الجريمة زادت، و عدد العاهرات تفاقم كثيرا، و دور العجزة و المسنين ملئ بالآباء و الأمهات ممن رماهم أبناءهم كما ترمى اللعبة بعد الملل منها.

الصحوة في مفهومها النظري شئ جميل، لو كانت فعلا صحوة تعطي للإنسان حقه و قيمته، و تجعله مسلما متمدنا متحضرا يقدس الحديث النبوي القائل "الدين المعاملة".

لكننا من قبل رأينا صحوة منحرفة حولت أغلب المنتسبين إليها إلى إرهابيين متعطشين لدماء كل معارض لهم، و الآن نحن أمام صحوة في المظهر على حساب المضمون، تجعل كل الرجال محجلين بزبيبة طبيعية أو مصطنعة، و النساء كلهن كالخيام السوداء المتحركة.
الصحوة الحقيقية لا تحتاج إلى من تصمم البوركيني عوضا عن البكيني، لأن الفتاة المحجبة عندما ترغب في السباحة تعرف لوحدها كيف تستر نفسها قبل أن تدخل للماء.

و الإسلام لا يحتاج لمن تذهب إلى فرنسا و تصر على البقاء بها و ترفض العودة لبلدها الأم، و في نفس الوقت تصر على التنكر بالنقاب و تطالب بحقها في التخفي، و تبدو في مظهر الضحية، بينما هي قادرة على العودة إلى بلدها الأصلي الذين يدين بالإسلام و يسمح لها بالتنكر طيلة حياتها.

لا أراها صحوة، بل عباءة لبسها الجميع.

0 تعليقــات:

إرسال تعليق

free counters

عن المدونة

مقالات الكاتب و الناشط في مجال الأعمال الخيرية و الإنسانية جمال الدين بوزيان