فئران التجارب التعليمية

من المتعارف عليه بالجزائر، أن التلميذ هو فأر تجارب تقوم بها وزارة التربية و التعليم، من خلال تطبيق برامج دراسية مختلفة مستوحاة من مجموعة برامج دول أخرى، و هي في الحقيقة خليط من تجارب أخرى لوزارات دول سبق و طبقت تلك البرامج، و ليس بعيدا أن نجد تلك الدول فشلت في إنجاح تلك البرامج و تركتها، بينما وصلت إلينا متأخرة بالجزائر، و لازلنا نصّر على صلاحيتها. بل ذهبت وزارة التربية و التعليم إلى أبعد من ذلك لإثبات نجاح نظامها التعليمي الجديد، حيث جعلت نسبة النجاح عالية جدا في البكالوريا خاصة و باقي امتحانات الانتقال إلى الثانوي و المتوسط.

و هناك نكتة قيلت الموسم الدراسي السابق تداولها الناس بالجزائر فيما بينهم تقول أنه: (من لم يتحصل على البكالوريا في تلك السنة، فلن يتحصل عليها أبدا)، لأن الوزارة المعنية بدت و كأنها توزع البكالوريا و باقي شهادات الانتقال كما توزع الزكاة و الهبات.
كما انتشرت إشاعة مع الدخول المدرسي الحالي، تشير إلى احتمال تدخل الوزارة هذه السنة أيضا كما العام الماضي، و بالتالي إمكانية تكرار نفس الشيء و نفخ نسبة النجاح و تضخيمها، و إعطاء فرصة لذوي المستوى الأقل من الوسط للانتقال و تذوق طعم النجاح، و الأهم بالنسبة لها هو إعطاء حياة أطول لنظامها التعليمي الجديد الظالم.

الوزارة لم تفعل ذلك حبا في أبناء الشعب من التلاميذ و الطلاب، بل فعلته كما تفعل باقي الوزارات، و كما عوّدنا مسؤولونا و حكامنا دائما، تعوّدنا على أن يضحكوا على ذقوننا، و اختراع الطرق و الوسائل و الحجج لإثبات صحة و نجاعة البرامج الفاشلة.

و يمكن عرض بعض مظاهر ظلم البرنامج الجديد لوزارة التربية و التعليم في بعض النقاط و الإشارات البسيطة من مجموعة سلبيات كثيرة لا يتسع المجال لذكرها.

البرنامج الدراسي منذ السنة الأولى ابتدائي مكثف جدا و محشو بمواد و مقاييس لا فائدة منها، ثقل محفظة التلميذ الصغير في هذه السنة يدل على كثافة البرنامج، و يجعلنا نخاف فعلا على أطفالنا من مشاكل و أمراض العمود الفقري، و قد طرح الأخصائيون من قبل هذا المشكل و حذروا من خطر ظهور جيل كامل أو أكثر يعاني من مشاكل كبيرة على مستوى الظهر و العمود الفقري.

و في نفس السنة الدراسية، في الأولى ابتدائي، تم إلغاء تلقين الأحرف للتلميذ كدروس أولى لتعلم اللّغة، و اعتمد البرنامج الجديد عوض ذلك على تلقين التلميذ الكلمات و الجمل كما هي، من دون معرفته بالأحرف مسبقا، مما جعل أولياء التلاميذ يتكفلون بأنفسهم تعليم أبناءهم الحروف الهجائية.

الاهتمام بمادة التكنولوجيا و دراسة الوسط و التربية السياسية و المدنية بالمرحلة الابتدائية فيه مبالغة كبيرة، و ظلم شديد للتلميذ.
غياب عملية القسمة (÷) إلى غاية السنة الخامسة ابتدائي يعتبر كارثة حقيقية، و كذلك غياب عملية الطرح (ــ)، و الأكثر كارثية أنه تقدم للتلميذ تمارين تطبيقية تحل بواسطة عمليتي القسمة أو الطرح، و يكون مطالبا أمامها بإيجاد حل لها بدون معرفة مسبقة منه بتلك العمليات الحسابية.

أختم مقالي بمقولة أخرى يتداولها الجزائريون منذ مدة فيما بينهم، منذ ظهور وزير التربية و التعليم الحالي (أبوبكر بن بوزيد) على الساحة السياسية و بداية تقلده المناصب الوزارية و انتقاله من واحد لآخر، المقولة تؤكد أنه من سابع المستحيلات إبعاد هذا الوزير من الواجهة و عن تقلد المناصب الوزارية، خاصة منصب وزير التربية و التعليم الذي يبدو أنه أصبح علامة مسجلة باسمه، و ممنوع تقليدها.

0 تعليقــات:

إرسال تعليق

free counters

عن المدونة

مقالات الكاتب و الناشط في مجال الأعمال الخيرية و الإنسانية جمال الدين بوزيان