‏إظهار الرسائل ذات التسميات مواضيع انسانية واجتماعية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مواضيع انسانية واجتماعية. إظهار كافة الرسائل

هدية لشيماء في عيد ميلادها

في مستشفيات العزة و الكرامة الموعودة، قد ينال الأطفال هدايا استثنائية بمناسبة أعياد ميلادهم، تماما مثلما حصل مع الطفلة الجزائرية شيماء ريحان ذات الأربع سنوات، و التي دخلت سليمة إلى مستشفى مدينة سطيف الجامعي، لا تشكو من شيء إلا من التهاب اللوزتين، و كان وضعها يستدعي عملية نزع بسيطة و خفيفة و قصيرة المدة و سهلة، لكن ما حدث لها بعد العملية كان معاكسا تماما لما يكون عليه المرضى في العادة بعد مثل تلك العمليات، بل عانت و تعاني شيماء من مضاعفات كبيرة لا تحدث حتى مع المرضى أصحاب العمليات الجراحية المعقدة.
بعد العملية الجراحية المشؤومة تلك، كانت تبدو على المسكينة شيماء بوادر واضحة تقول لكل الطاقم الطبي بأن العملية لم تنجح، و بأن الوضع غير مطمئن، كانت تبدو عليها علامات حالة غير طبيعية، لكنهم لم يفعلوا شيئا، لم يكترثوا، بل حتى الطبيب المسؤول عن المصلحة و عن العملية غادر إلى الخارج دون أن يكلف نفسه البقاء لحين الاطمئنان على حالة مريضته التي كانت تعاني من نزيف أوصل الدم لرئتيها و جعلها شبه جثة، تعاني الشلل الكامل و العمى.
المؤسف في الأمر و ما زاد من تأزم حالة شيماء و زيادة معاناة عائلتها هو أن كل الأبواب أغلقت أمامهم و كأن كل المؤسسات التي لجئوا إليها متفقة على ظلم هذه الطفلة و عائلتها. بدءا بمصلحة الأنف و الأذن و الحنجرة بمستشفى سطيف الجامعي، و التي رفض الطاقم الطبي بها تسليم عائلة الطفلة أي تقرير طبي مفصل عن وضعيتها يسمح لهم بنقلها إلى مستشفى آخر أكثر كفاءة و أكثر رحمة. و مرورا بكل المديريات و مؤسسات الدولة التي راسلها والد الطفلة البريئة دون جدوى و دون وصول رد و لو بالرفض، و وصولا عند المحكمة التي يبدو أنها من النادر أن تقف في صف مريض مظلوم أو مواطن يبحث عن كرامة ضائعة بين جدران المستشفيات.
اليوم، 14 ماي 2010، تكمل شيماء ريحان عامها الرابع و هي طريحة الفراش لا يمكن لها رؤية الهدايا التي يقدمها لها أهلها، لكنها حتما تشعر جيدا بالهدية المميزة جدا و التي أهداها لها الطاقم الطبي المشرف على عمليتها، هدية تشعر بثقلها جيدا و تتعايش معها مرغمة، هي هدية حتمية و متوقعة قد تقدم لأي داخل للمستشفى، هدية يصر مقدموها على أن تبقى ملازمة لشيماء لحين تدخل وزير الصحة أو رئيس الجمهورية ربما، أم أن وضع الطفلة شيماء ريحان لا يحركهما؟ بينما حرك مشاعر أكثر من ألف فايسبوكي من مختلف الجنسيات.

صور جديدة للطفلة شيماء ريحان و معاناتها







صور شيماء ريحان قبل و بعد العملية






































شيماء ريحان هي طفلة جزائرية من ولاية سطيف تبلغ من العمر 4 سنوات، دخلت للمستشفى ليوم واحد من أجل استئصال اللوزتين، و لكن بسبب الأخطاء الطبية المرتكبة في حقها من طرف الطاقم الطبي، أصبحت الآن مشلولة و مكفوفة، و هي على هذه الحالة منذ أكثر من شهر، و قد تم التخلص منها من طرف مستشفى سطيف الجامعي و تم نقلها إلى مركز إعادة التأهيل لبلدية راس الماء، و هي في حاجة أصلا إلى العلاج الحقيقي و بعدها تأتي مرحلة إعادة التأهيل.

المستشفى من الاول يمارس إرهابه على الطفلة و عائلتها، حيث رفض الأطباء إعطاء والد الطفلة شيماء أي وثيقة أو تقرير طبي مفصل يشرح حالتها و يسمح له بنقلها إلى مستشفيات العاصمة الجزائرية أو مستشفيات بالخارج

رغم رفعه لقضية على المستشفى، إلا أن المحكمة حسب ما يبدو لا تريد الوقوف في صف الطفلة المريضة، و هي الاخرى تمارس إرهابا غير معلن على عائلة الطفلة. و كل الهيئات الرسمية و غير الرسمية التي راسلها والد الطفلة شيماء لم تهتم بالموضوع و لم تلكف نفسها حتى الرد على الأب الذي لم يقدر على مواجهة مؤسسات الدولة لوحده و حياة ابنته في خطر.












تضامنا مع الطفلة شيماء ريحان و عائلتها


تم إنشاء جروب أو مجموعة على الفايس بوك للتضامن مع الطفلة شيماء ريحان و عائلتها.

http://www.facebook.com/group.php?gid=121279457892049&v=wall
معا لتكون قضية شيماء ريحان قضية رأي عام، لنساهم في تسليط الضوء على ما تعانيه بسبب الأخطاء الطبية، و بسبب إهمال المستشفى لها.
شيماء طفلة جزائرية من مدينة سطيف دخلت المستشفى سليمة و هي الآن مشلولة و مكفوفة

لنطالب المستشفى بمنح شيماء كل وثائقها و تقاريرها الطبية

لنعمل على إيقاف الظلم و الإرهاب الممارس عليها و على عائلتها، و نطالب بالسماح لهم بنقلها لمسشتفى آخر للعلاج

قائمة لبعض قوانين و قرارات الحماية الاجتماعية الظالمة

• فئة المصابين بالإعاقة السمعية أو الصم البكم: أصبح غير معترف بها أبدا من طرف وزارة التضامن و مديرياتها الولائية. فحسب مخترعي القوانين و مبررات القوانين في الوزارة، الأصم و الأبكم ليس معاقا، لأنه يمكن أن يندمج في سوق العمل. و غاب عنهم أن البطالة أصبحت تؤدي بالشباب إلى الانتحار بكل أنواعه. و بالتالي فالصم البكم محرمون الآن من منحة المعاقين و من رقم الضمان الاجتماعي.

• العازب المعاق ذهنيا و حركيا بنسبة أقل من مئة بالمئة ليس له الحق في منحة المعوقين، و إنما يشترط عليه إنجاز بطاقة العلاج المجاني بالمستشفى لكي يستفيد من منحة الأمراض المزمنة.

• هناك أمراض مزمنة غير معترف بها من طرف الوزارة، مثل ارتفاع ضغط الدم، و السكري من نوع (2) أي النوع الذي يكون العلاج فيه بالحبوب و ليس بالأنسولين، و كذلك المرضى الذين استأصلوا الغدة الدرقية، ليس لهم الحق في شيء، و هم محرمون كغيرهم من أصحاب الأمراض السابقة من المنحة و رقم الضمان الاجتماعي. • مرض النزيف الدموي المزمن الذي يصيب الجاهز الهضمي، اسمه بالفرنسية la recto hémorragie digestive لا تقبل ملفاتهم أبدا على مستوى المديريات الولاية بسبب عدم السماح لهم بانجاز بطاقة العلاج المجاني بالمستشفى، رغم أنه هذا المرض وارد في القائمة المحددة حسب القرار الوزاري المشترك رقم: 289/02 المؤرخ في: 15/04/2002

• مرضى الصرع أيضا يعانون معاناة كبيرة، فالعازب المصاب بهذا المرض إذا لم يستفد من بطاقة الإعاقة بنسبة 100% يبقى أمره معلقا، و لا يمكن له فعل أي شيء، فبواسطة بطاقة الإعاقة التي تحمل نسبة 90 أو 80% لا يمكن له الاستفادة من منحة المعاقين لأنه أعزب، و لا يمكن له الاستفادة من منحة الأمراض المزمنة كما نفعل مع باقي الأمراض الذهنية و العصبية لأن المستشفى يرفض تسليمه بطاقة العلاج المجاني.

• حتى المرضى المصابون بالصرع ممن استفادوا من منحة و رقم ضمان اجتماعي، يبقى أمر استفادتهم المجانية من الدواء أمرا غير مضمون باستمرار، و عراقيل قبول استلامهم للدواء من طرف صندوق الضمان الاجتماعي كثيرة جدا.

• الأطفال دون سن الـ 18، إذا كانوا مصابين بأمراض مزمنة معترف بها من طرف الوزارة، ليس لديهم الحق في المنحة و رقم الضمان الاجتماعي إلى غاية إتمامهم سن الـ 18، حتى لو كان والدا الطفل المريض غير مؤمنين اجتماعيا، و حتى لو كان الطفل مصابا بالسرطان.


• المرضى الذي أودعوا ملفات بمديريات النشاط الاجتماعي الولائية، لغرض الاستفادة من منحة المرض المزمن، مجبرون على الانتظار أحيانا 6 أو 8 أشهر لوصول موعد استفادتهم، و قد تصل المدة أحيانا إلى عام أو عام و نصف ليصل ذلك الموعد.

هناك قوانين و مشاكل تواجه المريض و المعاق قد أكون نسيتها أو غابت عن ذهني لحظة كتابة هذه الأسطر. لكن الشيء المؤكد من كل ما ذكر و ما نسيته، أن الوزارة الوصية عن الفئات المحرومة بالجزائر، توجه كل معاق أو مريض مظلوم إلى تعلم التسول بكل أنواعه، التسول الذي يحفظ ماء الوجه و الذي يريقه بشدة.

شيماء…قضية رأي عام


ما يحدث بمستشفياتنا مطابق تماما للنكتة القائلة بأن من يدخل للمستشفى الحكومي سليما معافى يخرج منه مريضا أو ميتا. ما حدث للطفلة شيماء ريحان بمستشفى مدينة سطيف يجسد جيدا تلك النكتة المبكية، فقد دخلت المستشفى تشكو من التهاب اللوزتين، و كان من المفروض أن تمكث به يوما واحدا، و هي مدة أكثر من كافية لعملية نزع اللوزتين، عملية بسيطة جدا دفعت شيماء ثمنها غاليا، و كان مصيرها لحد الآن الشلل الكلي و العمى.
سلطت يومية الخبر الجزائرية الضوء على قضية الطفلة شيماء، لكن دون جدوى، لم يكن للسلطة الرابعة دور كبير لجعل خطر الموت الذي يهدد شيماء بمثابة قضية رأي عام، حيث أخبار المنتخب الوطني لكرة القدم تطغى على كل الأخبار، إضافة إلى انشغال الإعلام و القراء بقضية إجبار المواطنين على نزع الخمار و حلق اللحى لانجاز جوازات السفر و بطاقات التعريف البيومترية. و لم تحرك من قبل قضايا الأخطاء الطبية المقترفة في حق المرضى بمستشفياتنا أي منظمة أو جمعية أو فئة بالمجتمع، و لم يلتف الشعب يوما حول قضية مريض مظلوم، و لم تصبح أي قضية مثل تلك هي المشكل الأول له مثلما تبنى من قبل قضايا أقل أهمية، بل و تافهة في أحيان كثيرة.
كما أن التجربة أثبت أن الصحافة المكتوبة بالجزائر تلعب بالقراء و تحركهم كما تشاء و نحو الجهة التي تريد، و جريدة الخبر رغم احترافيتها و مصداقيتها إلا أنها تعرض أخبارها و تقاريرها بنوع من الموضوعية بعيد جدا عن اللعب على العواطف و بعيدا عن الطريقة السطحية المقرفة التي تعرض بها بعض الجرائد الصفراء اليومية أخبارها، و للأسف تلك الجرائد أصبحت تقول عن نفسها اليوم بأنها الأولى من حيث المبيعات و المقروئية، و هي تطبق جيدا المثل الفني المصري القائل: "الجمهور عاوز كدا"، لقد فهمت جيدا ما يريده جمهور القراء و ما يتناسب مع مستوى الوعي المتدني لهذا الجمهور، فهمت تلك الجرائد جيدا أن الجمهور لا ينقد ما يقرأ و إنما هو أقرب إلى قطيع الغنم منه إلى القارئ المتعلم الواعي. ربما لو تبنت تلك الجرائد الصفراء قضية الطفلة شيماء ذات الأربع سنوات، كانت ستجعل من معاناتها قضية رأي عام و تشغل بها القراء و تشمل بها كل فئات الشعب، و عندها كنا سنرى ربما عددا من المنظمات و الأحزاب و الجمعيات تتبنى الدفاع عن حق شيماء ريحان في العلاج و حقها في الاقتصاص من الطاقم الطبي و المستشفى المتسبب في مأساتها، لأنه و بسبب عدم تحرك الرأي العام نحو إنصاف هذه الطفلة البريئة، لم تتبني قضيتها إلا الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان.
كما أن التفاف الناس حول قضية مثل هذه يسمح و يسهل من عملية توجيه المحكمة التي تفتقر إلى العدالة، و يساعد في جعل هذه القضية أكثر عدلا، لأنه من المستحيل في بلد العزة الكرامة أن نرى مريضا ضعيفا يستطيع الاقتصاص من طبيب رئيس مصلحة أو من مدير مستشفى، أو حتى من حارس المستشفى أو منظفة المصلحة.

الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان تتبنى قضية شيماء


الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان تتبنى قضية شيماء
المستشفى يرفض تقديم كشف طبي ووزارة الصحة تتكتم

ساءت أوضاع الطفلة شيماء بشكل كبير، بعد تناول ”الخبر” للمأساة التي تعرضت لها إثـر عملية استئصال للوزتين، تسببت لها في فقدان الحركة وجميع الحواس، إذ أقدمت إدارة المستشفى الجامعي بسطيف على نقلها من مصلحة العناية المركزة إلى مصلحة الأمراض المعدية، رافضة بالمقابل تسليم والدها تقريرا طبيا عن حالتها. فوجئت عائلة ريحان بقرار نقل ابنتهم من مصلحة العناية المركزة إلى مصلحة الأمراض المعدية، رغم كارثية وضعها الصحي، وعدم قدرتها على التنفس والحركة وفقدانها لجميع الحواس بما فيها اللمس.
وقد وقفت ”الخبر” على وضع الطفلة الذي ازداد سوءا، بعد إهمالها في غرفة منعدمة النظافة ودون أدنى تكفل طبي، إذ ظهرت تقرحات خطيرة على جلدها بسبب عدم تغيير حفاظاتها. في المقابل، رفضت مصلحة العناية المركزة طلب الوالد تسليمه تقريرا طبيا مفصلا عن حالة ابنته وصور الأشعة والمخططات البيانية لعمل الدماغ، لتقديمها لأحد المتبرعين بالتكفل بها، إذ صدم بجواب صريح من الطبيب المسؤول، والذي قال له بالحرف الواحد ”لن أسلمك أوراقا تستعمل ضدنا في المستقبل”، في إشارة واضحة إلى محاولة التستر على الفضيحة. وقد حصلت ”الخبر” على وثيقة طبية مصادق عليها من طرف مدير الصحة وبعض الأطباء، تؤكد أن المستشفى يفتقر لطبيب مختص والعناية اللازمة للطفلة شيماء، مما يطرح علامة استفهام حول جدوى بقائها وعدم الكشف عن حالتها.
من جهة أخرى، أكد الوالد رفض مدير الصحة بالولاية الرد على شكواه التي تقدم بها إلى مصالحه لكشف ملابسات القضية، بعد أن أخلف وعوده بنقل شيماء استعجاليا إلى مستشفى مصطفى باشا في حينها. من جانب آخر، فشلت كل محاولاتنا للاستفسار عن القضية لدى الوزارة المعنية، بشأن إيفاد لجنة تحقيق في القضية من عدمه. ومن جهته قال رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، الأستاذ مصطفى بوشاشي في تصريح لـ”الخبر”، إنه في حال رفض أطراف استشفائية التكفل بالطفلة فإن العدالة مطالبة أيضا بمتابعتها بجريمة عدم مساعدة شخص في حالة خطر، ناهيك عن الخطأ و الإهمال الطبي الذي تعرضت له الضحية. من جهة أخرى، قال مصدر من الرابطة إن الهيئة تسلمت ملف الطفلة وهي على اتصال بالعائلة للتحقيق في القضية، مضيفا أن والد الضحية قد تعذر عليه الحصول على وصولات مقابل الشكاوى التي تقدم بها إلى مختلف الهيئات والتي بررت موقفها ”بعدم تمكينه من استعمال تلك الوصولات ضدها”.

المصدر : جريدة الخبر - سطيف: عبد الرزاق ضيفي/ /الجزائر: كوثر عبد الله

شيماء تصارع الموت إثر جراحة بسيطة والمستشفى يريد التخلص منها


محكمة سطيف أمرت بالتحقيق والأطباء يرفضون التعليق
شيماء تصارع الموت إثر جراحة بسيطة والمستشفى يريد التخلص منها

ترقد شيماء ذات الأربع سنوات، منذ عدة أيام، في ملحقة لمستشفى سطيف، بعدما حولتها جراحة بسيطة جدا أجريت لها لإزالة اللوزتين إلى جثة هامدة، لا حراك ولا حتى نظرات إلى الوالدين المفجوعين. وبينما يلح الأطباء على العائلة لنقلها إلى البيت، تتهم العائلة المستشفى بالإهمال والخطأ الطبي، فيما فتحت محكمة سطيف تحقيقا مستعجلا في القضية، بناء على دعوى مستعجلة رفعها الوالد.
لم يكن والدا شيماء يعلمان أن الشلل والعمى بانتظار فلذة كبدهما، عندما قدما بها في السابع من فيفري الماضي إلى المستشفى، بما أن مشاكلها الصحية لا تتعدى اللوزتين، عملية بسيطة جدا لا تستدعي حتى البقاء بالمستشفى، لكنها تحولت إلى كارثة. فشيماء لم تعد تتحرك ولا تبصر ولا حتى تسمع.
وحسب تصريحات الوالد لـ”الخبر”، فإن الأطباء يلحون عليه، حاليا، لنقلها إلى البيت، وقد نصحوه ”بنشر طلب مساعدة في الجرائد لعلاجها خارج الوطن، بينما لم تجد كل محاولاته لنقلها إلى مستشفى آخر، وطلب تدخل مدير الصحة للولاية لدى المستشفيات المجاورة، إلا أن مساعي الأخير لم تجد نفعا، إذ ”رفضت جميعها تحمل مسؤولية التكفل بالطفلة، وكان جوابها أن ”مستشفى سطيف هو من أجرى العملية لها ولا يمكن التدخل للتكفل بها”.
ويتساءل الوالد كيف لمستشفى أن يطالبه بنقلها للبيت، وهي لا تستطيع حتى ابتلاع الطعام الذي كثيرا ما ينتقل إلى الرئتين بدل المريء. وتوضح رسالة الوالد إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة سطيف، أن ”الوالدة لاحظت بعد انتهاء العملية مباشرة استمرار النزيف فألحت على حضور الطبيب، وبعد مجيء مجموعة الأطباء أعادوها لغرفة العمليات حيث أخبرت من طرف أحدهم أنه تم نسيان قطعة في أنفها وبعد إخراجها استمر النزيف رغم وجود فتيل في أنفها وبعد ثلاث ساعات أعيدت لقاعة العمليات، وتم وضع محبس مقياس الأكسجين وبعدها أدخلت غرفة الإنعاش”.
ويضيف الوالد أنه بعد استفسار ملح مع الأطباء أخبروهم أن دم الطفلة لا يتخثر لكن ”ذلك لم يكن صحيحا بل أصيبت بالتهاب في الرئة لأن الدم الذي كان ينزف كان ينتقل للرئة بدل الخروج من الأنف”. وبعد أسبوع أخبر الوالد أن النزيف توقف، لكن ابنته دخلت في غيبوبة، ورغم نزع آلة التنفس ظلت شيماء لا تتحرك ولا تبصر، بينما رفض الأطباء تقديم أي تفسير له وسلموه كشفا صحيا بحالتها.
في المقابل، وجدت ”الخبر” صعوبات كبيرة في معرفة ما تعرضت له ”شيماء”، وسط شبه اتفاق بين الأطباء على الإحجام عن أي تصريح للصحافة، إذ لا يوضح التقرير الطبي الأسباب الحقيقية لما حدث باستثناء شرح مفصل لوضعية الطفلة والظروف التي أحيطت بالعملية، ولم نحصل من المستشفى على أكثر من تصريح لأحد الأخصائيين الذي رفض ذكر اسمه، حيث أكد لنا أن عملية استئصال اللوزتين بسيطة جدا، لكنها تحمل الكثير من المخاطر مثل حدوث نزيف سواء أثناء العملية، مباشرة أوبعدها أو بشكل متأخر. بينما يجري التحقيق الذي باشرته محكمة سطيف في سرية تامة، مما يرجح فرضية الوقوع في خطأ طبي أو بالأحرى عدم جدية التكفل الطبي بحكم أن مثل هذه المضاعفات الخطيرة قد تحدث في أي لحظة، خصوصا مع إصرار المستشفى على أهل ”شيماء” بأخذها إلى البيت.
وتبنت اللجنة الوطنية للأخطاء الطبية ملف شيماء، وأكدت الناطقة باسمها، نادية تامزايت، أنها تتابع القضية عن قرب وهي على اتصال مستمر بالعائلة.

 المصدر : جريدة الخبر - الجزائر: كوثر عبد الله سطيف: عبد الرزاق ضيفي 2010-04-08

الأعمال التطوعية و الجمعيات الخيرية، ضروريات أو كماليات؟

التطوع و عمل الخير موجود منذ بدء الخليقة، و لا يخلو دين سماوي أو أرضي من نصوص تحفز على عمل الخير و مساعدة الناس و نشر كل ما فيه فائدة للمجتمعات و الشعوب.

كما لا تخلو المجتمعات الحالية في الألفية الثالثة من جمعيات و منظمات يكون أساسها التطوع و إفادة الصالح العام، سواء كانت مجتمعات علمانية أو دينية أو غيرها.

الأعمال التطوعية في عالم اليوم، كما في عالم الأمس، هي ضرورة في المجتمعات الفقيرة كما في المجتمعات الغنية، فعدا أن كلا المجتمعين لا يخلوان من الفقراء، و إن اختلف شكل ظهور الفئات المحرومة، عدا عن هذا، فالتطوع هو ضرورة لتعزيز و تكريس الإحساس بالمواطنة و الانتماء، و هو وسيلة لتنمية روح التضامن مع الغير لدى أفراد أي مجتمع، و هو وسيلة مكملة هامة لمساعدة السلطة على تسيير الأمور المحلية الصغيرة و الكبيرة، و هو في بعض الدول و المجتمعات وسيلة هامة لها الأولوية في التواجد قبل أجهزة الدولة نظرا لضعف هذه الأخيرة و فشلها في التسيير و تحقيق نتائج حسنة و مفيدة.

و تجدر الإشارة إلى أن الأعمال التطوعية أشمل من الأعمال الخيرية التي نقصد بها في الغالب العمل التطوعي المخصص لفائدة الفقراء و المرضى و الفئات المحرومة بصفة عامة، بينما يمكن أن يكون العمل التطوعي أيضا برنامج توعية موجهة لفئة معينة من المجتمع، ليس بالضرورة تكون فقيرة، يمكن أن يكون موجها لفئة السائقين، أو فئة النساء الحوامل، أو سكان حي معين بخصوص تحسين تسييره و تنظيمه، و قد يكون أغنى أحياء المدينة، لكنه يبقى بحاجة دائمة للعمل التطوعي.

و بالعودة إلى دور الأعمال التطوعية، نجده تكميليا في المجتمعات الغربية المتقدمة، بينما في مجتمعات العالم الثالث هو في الغالب دور ضروري جدا و قد يعوض في بعض الحالات دور الدولة الغائبة في مجالات كثيرة بسبب ضعف الخدمات الصحية، أو بسبب عدم سيطرة الدولة على الوضع الأمني، أو هشاشة السلطات المحلية و بعدها الكبير عن انشغالات المواطن الحقيقية، فالفقر و البطالة و السكن و الأحياء الهامشية و العشوائية هي مشاكل تزيد من ضرورة وجود جمعيات و منظمات محلية تجعل من العمل التطوعي جهدا يوميا متواصلا لسد الثغرات التي يخلقها ضعف الدولة و ضعف قوانينها.

من المؤسف أن نرى في دول الوطن العربي و دول العالم الثالث أعمالا تطوعية تكاد تعوض عمل الدولة المنتظر منها، من المحزن رؤية مستشفيات تعتمد بشكل كبير جدا على مساعدات الجمعيات و المنظمات، بينما من المفروض أنها مستشفيات وجدت لكي تكون الدولة المتكفل الوحيد و التام بالمرضى، و قد تكون الدولة العربية التي نتحدث عنها ذات مداخيل نفطية هائلة لكن مرضاها يتعلمون التسول من أجل الظفر بفرصة للعلاج و النجاة، نماذج كثيرة لدول عربية وضعها يشبه هذا الوضع.

أما عن الموارد البشرية في الأعمال التطوعية، ففي الوطن العربي و في ظل ما تعيشه أغلب المجتمعات العربية حاليا، من الصعب الحصول على طاقة بشرية كبيرة و مستمرة في الأعمال التطوعية، فاليأس الذي يلبس شباب العرب يقف حاجزا كبيرا بينهم و بين التطوع لفائدة المجتمع، كيف يفيد مجتمعا و دولة يراها الشاب العربي هي أول متسبب في مشاكله، و كيف يكون كريما مع نظام و سلطة يراها هي البخيل الأول الذي أخذ منه حقه.
و مع ذلك فالجانب الديني للموضوع يعزز الأعمال التطوعية و يكسبها صفة الواجب و الفرض الذي يجب على الشاب المسلم أو المسيحي القيام به.

و خلال عملي التطوعي بالمستشفيات، وجدت بأن الجانب الإنساني و الديني لا ينفصلان أبدا لدى المسلمين، فالأعمال التطوعية الموجهة خاصة نحو المستشفيات لا تخلو من رغبة مزدوجة لدى المتطوع، رغبة في إفادة المريض و مساعدته على العلاج و الشفاء، و رغبة في التقرب إلى الله و تنفيذ ما أمرنا به، و أمل في أن تكون تلك الأعمال التطوعية هي سبيل الخلاص غدا، في الحياة الآخرة.
من الضروري استخدام الجانب الديني بطريقة سليمة لمساعدة الأعمال التطوعية على الانتشار في مجتمعاتنا بدون إفراط أو تفريط و بدون أن يكون المنظر و الوضع و كأننا في مسلسل ديني عربي رديء، و بدون أن يؤول بنا الوضع كما آل بالأعمال التطوعية الخيرية التي وجهت الشباب من عمل الخير إلى اعتناق مذهب التكفير و ذبح الناس باسم الدين.

مجلة المسار الجامعية العمانية: 28/02/2010 - العدد: 185

غربال ولد عباس

غربال وزير التضامن لن يغطي أبدا شمس الحقيقة، حقيقة أن واقع الفقراء بالجزائر قاسي جدا، و أن عدد أفراد هذه الفئة التي لا يعترف بها ولد عباس عدد كبير جدا، و أكبر من أن يستطيع تغطيته بغربال تصريحاته التي لم يعد أحد يصدقها، ربما يصدقها غير الجزائري ممن لا يعرف عن الجزائر شيئا سوى أنها بلد الأبطال و بلد المليون و نصف مليون شهيد.
لكنها اليوم، أصبحت بلد قفة رمضان، و من بين أبرز الدول التي تجد بها فقراء يعانون الجوع و المرض، بينما خزائنها ملئ بالمداخيل، و تصريحات حاكمها و وزراءه توحي أنها جنة الله الموعودة.
طوابير الفقراء و أنصاف الفقراء التي نشاهدها كل عام أمام مداخل البلديات و المساجد و الجمعيات الخيرية، ليست مسرحيات و تمثيليات، انتخاباتنا التي يقال عنها نزيهة قد تكون كذلك، مجرد مسرحيات تضفي الشرعية على الفائز، أما مناظر الفقراء فهي حقيقية، لم تأتي من فراغ، أو لمجرد أن ذلك الذي يقف في الطابور فقد حياء وجهه أو أنه يتصف بالرخس كما قد يصفه الكثيرون.
من يضطر للوقوف في طابور الصدقة، هو رب عائلة جائع، أولاده جائعون و مرضى، قد يكون مرضهم الربو لأنه يعجز عن تسديد تكاليف التدفئة طيلة فصل الشتاء، و الأمثلة على هذا كثيرة جدا، و نعيشها مع الناس يوميا.
من غير المعقول أن نتهم كل فقراء الجزائر بأنهم متسولون محتالون انتهازيون، فأمثال هذه الفئة موجودون بكل مجتمعات العالم حتى الراقية منها، و لكن ليس من المعقول أن تصبح نصف عائلات البلدية مصنفة ضمن تلك الفئة، من المستحيل أن يكون الواقفون في طوابير الصدقة كلهم محتالون، الجوع و الاحتياج يفعلان بالإنسان ما يمكن تصوره.
ألا يعلم السيد الوزير كيف هي وضعية الفئات المحرومة و التي من المفروض أنه أعلم الناس بها، ألا يعلم ماذا يمكن أن يفعل المعاق أو المريض المزمن بمنحته، هل يمكن لها أن تفطره و عائلته يوما واحدا من رمضان؟ أليست الصدقة و قفة رمضان هي الحل الراهن و الأسرع؟
حتى الموظف، هل يكفيه راتبه طيلة شهر رمضان؟ حتى و لو طبق هو و عائلته كل طرق التقشف و الأحاديث النبوية التي تحث على الاقتصاد و تنبذ التبذير.
هل الوزير مطلع جيدا على وضع الأسعار و إلى أي حد وصلت؟ هل يقيس هذه الأمور حسب راتبه و راتب زملاءه؟
ألا يعلم بأن المصحات و العيادات الخاصة ملئ بالمرضى بفضل تكافل الناس فيما بينهم و بفضل المساجد و الجمعيات الخيرية؟ و لولا هذا التكافل لما استطاعت الغالبية العظمى من الدخول من باب العيادات الخاصة.
من يقدر على تسديد تكاليف عمليات جراحية، الأدنى فيها تقدر بـ 3 ملايين سنتيم. و إن كان هذا المشكل يطرح أيضا لوزير الصحة، إلا أن مثل هذه الحقائق توجه أساسا لمن أنكر وجود الفقراء بالجزائر.
إذا كان الحراق الذي رفض واقعه القاسي و فضل رمي نفسه في البحر و الهجرة غير الشرعية يعتبر مجرما، فكيف نسمي الذي ينكر هذا الواقع القاسي و يغض الطرف عنه؟

المطلوب، البقاء حيا حتى سن الــ18

بعض المسؤولين بالجزائر يستحقون محاكمتهم كما يحدث مع مجرمي الحرب بسبب قوانينهم الغبية الظالمة، و التي تقتل المريض بطريقة غير مباشرة، أو على الأقل تزيد من معاناته.
ما هو جزاء وزير مسؤول عن التضامن و عن الحماية الاجتماعية و الفئات المحرومة، يحرم الأطفال المرضى بالسرطان من منحتهم الشهرية ومن رقم التأمين؟ هو يحرمهم من العلاج و يزيد من معاناتهم و من معاناة أوليائهم.
هو يعلم أولياء الأطفال المرضى التسول والتنقل بين المساجد والجمعيات الخيرية من أجل توفير الدواء لأولادهم المرضى، وأي مرض؟ إنه السرطان.
هل يمكن أن يقال عن دولة بها مثل هذا الوزير أنها تحترم حقوق الإنسان؟
الغبي أو المنافق فقط من يقولان ذلك.
الطفل المصاب بالسرطان في الجزائر لا حق له إلا في العلاج الكيميائي و العلاج بالأشعة، وباقي الأمور التي يتطلبها العلاج يجب دفعها من جيب أولياءه إذا كان متوفرا لديهم، وإلا عليهم التدرب على فنون الاقتراض والتسول.
نموذج واقعي ومضحك مبكي في نفس الوقت لقوانين وزارة تدعي التضامن وهي أبعد ما يكون عن الرحمة والتضامن.
يقول القانون الموقر لهذه الوزارة بأن المنحة تعطى فقط للطفل المعاق ذهنيا أو حركيا بنسبة مئة بالمئة، وبالتالي فالطفل المصاب بالسرطان لا يعتبر طفلا معاقا، وعليه يجب أن يصبر لحين وصول سنه إلى الثامنة عشر لكي يتمكن من الاستفادة من المنحة ورقم التأمين. طبعا إذا كتبت له الحياة إلى غاية وصوله لتلك السن، ولا داعي لذكر عدد الأطفال الذين يفارقون الحياة كل شهر بمصلحة الأطفال بسبب السرطان.
هذا المرض قاتل، الكل يعلم ذلك، ولا مجال لتغطية هذه الحقيقة، لكن قسوة هذا المرض لم تشفع للأطفال المصابين به لدى وزير التضامن وفريقه المحترم لكي يعدلوا من هذا القانون الظالم.
ماذا يفعل نواب البرلمان الأشبه بالجواري والغلمان في القصور الملكية، هم لا يتحركون إلا بأوامر أسيادهم، كان الأولى بهم السعي لتغيير قوانين الحماية الاجتماعية الظالمة، من المفروض أنهم ينقلون مشاكل وانشغالات الناس إلى السلطة، لكن ما يصلنا من أخبار وإشاعات عنهم، يؤكد بأنهم منشغلون عن هموم الشعب بالتنقل بين الفنادق وتقسيم أوقاتهم الثمينة بين الأكل المفرط والسياحة العشوائية و انتقاء العاهرات الجميلات، وملئ الجيوب قدر الإمكان قبل انتهاء العهدة.
أين هي الجمعيات و منظمات ما يسمى بالمجتمع المدني؟ أم أنها هي الأخرى منشغلة بجمع الفتات وملئ الجيوب؟
من يجعل المسؤول في هذه البلاد يغير القانون الظالم بدون أن نرى فوضى وحرقا لإطارات السيارات و قطعا للطريق؟
تعود هذا الشعب وعودته حكومته أن لا شيء يتغير بدون فوضى وأعمال شغب.

مهزلة حفاظات الكبار

حفاظات الكبار أصبحت نادرة في جزائر العزة و الكرامة لدرجة استقدامها من الدول المجاورة، و خاصة تونس، الدولة الشقيقة التي تنعم بالأمن و الوفرة في كل شيء قابل للاستهلاك.
و الجزائر كادت أن تكون مثلها في الوفرة لولا العشوائية و الفوضى التي أصبحت هي السمة الغالبة في كل شيء موجود على هذه الأرض المرتوية بدماء الشهداء فيما مضى، و الآن هي ملك فقط لفئة قليلة تتفرج على معاناة الناس، و ربما تتلذذ برؤيتهم يتهافتون و كأنهم في يوم الحشر من أجل كيلو بطاطا أو علبة دواء أو حفاظة كبار تحفظ للمريض كرامته أمام عاملات المستشفى، و لا داعي للتذكير هنا بأن السجون أصبحت في بلادي أكثر رفاهية من المستشفيات، إنها حقوق الإنسان بالمنظور الجزائري الخلاق.
حفاظات الكبار تستقدم الآن من تونس و فرنسا بالعملة الصعبة، لأن مسؤولين أغبياء منعوا دخولها بطريقة عشوائية دون توفير البديل الذي يسمح بدخولها بطريقة قانونية منظمة، أو دون التأكد أولا إن كانت الكميات المنتجة محليا تكفي كل مرضى الجزائر المقعدين على فراش المعاناة في انتظار صدقة بالعملة الصعبة، صدقة لشراء حفاظات تسمح لهم بقضاء حاجاتهم دون إزعاج الآخرين.
من قبل كنت أجمع المال لشراء هذه الحفاظات من أقرب محل بالمدينة، الآن يجب عليّ أن أبحث أولا عن سائق تاكسي طيب القلب يقبل إحضارها لي من تونس، و بعدها يأتي جمع المال.
اعتدنا في هذه البلاد أن نبرر ندرة أي منتوج هام أو تافه، بأنه أمر مقصود بسبب إنشاء مصنع جديد يملكه جنرال كبير ينتج نفس المادة النادرة.
لا زلت أنتظر هذا الجنرال أو المسؤول الكبير الذي سيغرق السوق الجزائرية بحفاظات الكبار، لكن بدون جدوى.
إلى أين يريدون للوضع أن يصل؟ ماذا بعد ندرة حفاظات الكبار؟ و قبلها كانت ندرة أدوية كثيرة هامة لا يوجد بديل لها في السوق و في المخابر و المصانع المحلية.
إلى أي حد يمكن أن يصل صبر هذا الشعب؟ أم أن الفرحة التي صنعتها كرة القدم جعلته يصدق فعلا أنه يعيش مرحلة عزة و كرامة؟
لاعب كرة القدم وجد من يعيد له كرامته، فمن يعيد كرامة المريض المقعد؟

يوميات عامل اجتماعي

الحادثة التي سأكتب عنها الآن، لم يمر على حدوثها إلا بضعة أيام.

حيث و بسبب التعب الشديد و ضغط العمل الاجتماعي و عدم تمكني من الظفر بعطلة سنوية كأغلب زملائي، و بسبب شعوري باستنفاذ كل طاقتي، و بسبب شعوري بعدم الرضا عن تفريطي في أمور أخرى بسبب ضيق الوقت و عدم وجود عطلة، كل هذا جعلني عصبيا جدا مع الزملاء و مع المواطنين، و من المستحيل تجنب هؤلاء، فلا عمل بدون زملاء و بدون مواطنين.

و دائما هناك القطرة التي تجعل الكأس يفيض، قطرتي أنا هي ذلك المواطن ثقيل الدم جدا جدا جدا، و الذي لا يرضى أبدا حتى و لو ذبحت نفسي أمامه و جعلت دمي يسيل……..

هذا المواطن يعتبر نفسه ساعيا للخير، و هو لا يدري أنه بسعيه هذا يجعل أعصابي تحترق في كل مرة يزور فيها المكتب.

لدى هذا المواطن أقارب مسنون و معاقون يتقاضون منح العجز و الإعاقة، و في كل مرة يأتي فيها نحاول جاهدين إرضاءه لأننا أولا موجودون في ذلك المكتب لخدمة كل من يدخل له و يكون في حاجة لنا، و ثانيا تكون سرعتنا في خدمته لكي يسارع هو في الخروج من المكتب و يكف لسانه القاسي عن إسماعنا كلاما يحرق البدن و يثير أعصاب أكثر الناس بلادة.

منذ بضع أيام أتى هذا المواطن لاستخراج وثيقة تتعلق بأحد أقاربه المعاقين، و من المستحيل أن تكون تلك الوثيقة جاهزة في أقل من أسبوع، لأنها تمر على المديرية و بعدها تعود إلى مكتبنا، و من المستحيل أن تكون جاهزة في نفس اليوم حتى لو تعاطف مع ذلك المواطن كل الموظفين و العمال، فالإجراءات الإدارية البيروقراطية تكون في الغالب أقوى من الموظفين العاديين، لذلك أسعى دائما إلى استخدام الاتصال غير الرسمي عبر موظفين آخرين بمختلف الإدارات و المديريات لكي أخفف من سيطرة و ضغط و أثر الإجراءات البيروقراطية و مناهج العمل الإداري البدائي.

و لا أنكر هنا بأني أجد دائما مساعدة كبيرة من الجنس اللطيف، و الذي يثبت في مثل هذه المواقف أنه لطيف فعلا.

لكن قد يحدث أن يكون حظي مع الرجال و ألقى منهم مساعدة كبيرة جدا.

المهم، نعود إلى مواطننا ثقيل الدم، بكل بساطة و بدون إطالة، في المرة الأخيرة التي زارنا فيها هذا المواطن جعل كأسي تفيض بسبب إصراره على استلام الوثيقة في نفس اليوم، استفزني كثيرا بكلامه القاسي و لجهته الساخرة، فأخذ صوتي يعلو و أعصابي الثائرة أفقدتني عقلي و طردته من المكتب و رميت له الوثيقة فارغة على الأرض.

شتمني هو و استمر في إهانتي، و هدد بتقديم شكوى للمسؤولين، قلت له كأغلب الجزائريين لما يعبرون عن عدم خوفهم من المسؤول: "إذهب حتى إلى بوتفليقة"…….من قبل كنا نقول: "اذهب حتى إلى زروال"….و قبلها كنا نقول: "اذهب حتى إلى الشاذلي"….

فرؤساء الجزائر دائما حاضرون خلال فترات غضبنا.

لم يستمع له المسؤولون و لا الموظفون الآخرون، فقد قالوا له بأن "جمال الدين" لا يخطئ في حق المواطن إلا لما يستفزه أو يأمره أو يشتمه المواطن، لكنهم همسوا في أذني بأن أنجز له الوثيقة.

لكنهم لا يعلمون بأني أقسمت بالله بأن لا أنجزها أبدا، لا بعد أسبوع و لا شهر أو سنة.

بقيت حائرا في أمري، فمن المستحيل أن أترك نفسي سببا في تعطيل مصالح الناس عامة و خاصة العجزة و المعاقين.

قمت باستشارة صديق لي، هو أستاذ في علوم الشريعة و إنسان ذو علم و ثقة.

أرشدني إلى إطعام عشرة مساكين و إنجاز الوثيقة.

سعادتي كانت كبيرة لأني لن أعطل مصالح ذلك المواطن، و كذلك لأني سوف أمارس أكبر متعة لي في الحياة، و هي الإنفاق.

قمت فورا بتنفيذ ما طلبه أستاذ الشريعة، و ليس صعبا عليّ أبدا أن أعثر على عائلة فقيرة، ربما العثور على عكسها هو الأصعب.

و وثيقة ذلك المواطن جاهزة، فقد مر على هذه الحادثة أسبوع، و قد سلمتها له بنفسي لكن من دون أن يعتذر أحدنا للآخر.

لو كتبت عن ما يشبه هذه الحادثة، سوف أخصص لها مدونة لوحدها. و في الغالب لا أتصرف بذلك الشكل، خاصة مع العجزة و المعاقين ذهنيا، أبقى أستمع للشتائم حتى يتعبوا هم من الكلام، فيخرجوا من تلقاء أنفسهم.

نحن ندفع ثمن البيروقراطية الموجودة، و المعاملات الإدارية البدائية، و قبل كل هذا، ثمن قوانين الحماية الاجتماعية الظالمة، التي لا تحمي أبدا.

الفهد الوردي في نسخته الجزائرية

يبدو أن الرسوم المتحركة الشهيرة بالفهد الوردي قد ألهمت وزير التربية بن بوزيد لكي يفرض على تلاميذ الجزائر محاكاة الفهد الوردي و عدوه، فمنظر التلاميذ في الطرقات و هم منقسمون إلى فريق الذكور باللون الأزرق و فريق الإناث باللون الوردي ذكرني مباشرة بإحدى حلقات الفهد الوردي المعروفة، و التي يتنافس فيها هذا الفهد الظريف مع عدوه حول أي الألوان أفضل، الوردي أم الأزرق، لنرى منافسة بين لونين اثنين اكتست بهما الشاشة طيلة تلك الحلقة.

و إن كان الفهد الكارتوني و عدوه قد اتفقا مسبقا على تدرج واحد لا يتغير للون المختار، فإن وزير تربيتنا و من معه تركوا تجار و أبناء الجزائر و أولياءهم محتارون أي تدرج من تلك الألوان يختارون؟ و العملية كلها جاءت متأخرة، و التعليمة التي صدرت في أقل من عام جعلت الكل محتار، و كبدت أغلبية التجار خسائر كبيرة، أما الأولياء فسخطهم و شتائمهم الموجهة للمتسببين في هذه الخالوطة كانت بكل الأشكال و الألوان، و لم تكن مجرد شتائم وردية، و أضحى العثور على قطعة قماش زرقاء أو وردية أشبه بالبحث عن لبن العصفور.

و كأنه لا تكفينا كل الكوارث التي تقترف في حق تلاميذنا، لكي تظهر لنا موضة المآزر الوردية و الزرقاء، و كأن كثافة البرنامج و حشوه بما يلزم و لا يلزم لا تكفي، و كأن اكتظاظ المدارس لا يكفي، أو أن غلاء المعيشة بما فيها الأدوات المدرسية و ملابس الأطفال ليست كافية لاستفزاز الأولياء المساكين، أم أن جرائم البيدوفيلي المتفاقمة في حق تلاميذنا لا تكفي لكي نشهد هذا العام مهزلة الفهد الوردي في أبشع صورها.لا أدري هل هذا القرار هو حنين للفترة الاشتراكية، أم تطبيق خاطئ للحديث النبوي القائل "الناس سواسية كأسنان المشط"، فربما أرادت وزارتنا المساواة بين أبناء الشعب في المآزر، بينما الأولى تحقيق المساواة في جوانب أخرى جوهرية و توفير الحق في الحياة و الطعام و الدواء.

بتحليلي البسيط جدا، و رأيي المتواضع، لا أجد أمامي إلا نظرية المؤامرة على الشعب أو نظرية عبثية إصدار القوانين كتفسير لقرار المآزر الوردية و الزرقاء و مثيلاتها من القرارات الإدارية التي تجعل وثيقة بسيطة تحتاج لاستخراجها إلى تكوين ملف ثقيل جدا، و لا مجال هنا للوقوف أمام الأمثلة الكثيرة للهث المواطن المتكرر يوميا من أجل أمور بسيطة بسبب قوانين سخيفة لا تقدر قيمة المواطن كإنسان له احترام حقيقي و له حقوق يجب أن تعطى له على أرض الواقع، و ليست كحقوق الإنسان التي تقال لنا في المناسبات، بينما هي غائبة عن حياة المواطن اليومية.إن كان الفهد الوردي في نسخته الأصلية مسليا جدا و مضحكا لدرجة كبيرة، فهو في نسخته الجزائرية و بفضل وزارة التربية أصبح كوميديا سوداء تصيب متتبعها بأمراض القلب و الضغط و السكري.

جريدة الخبر الأسبوعي - العدد: 553

عباءة لكل موسم

كثير من الناس يطبقون المثل القائل "لكل مقام مقال" و لكن في المكان الخطأ، و حيث لا يجب تطبيقه، و هم في الحقيقة يلبسون لكل موسم عباءته الخاصة به، حيث هناك موسم للتدين، ينزل فيه الوحي على الجميع و ينطقون حكما و مواعظ طيلة شهر رمضان، و يتقمصون شخصية شيوخ الدين، و كأننا في حفلة تنكرية اختار الجميع فيها التنكر في زيّ الأئمة و رجال الدين.

هناك موسم الاصطياف و الانحلال، يكون فيه الجميع على شاكلة أبطال الفيلم المصري القديم "في الصيف لازم نحب"، حيث كل أنواع العلاقات مباحة، و لا وقت لعمل آخر، فالإجازة في هذا الموسم ليست للموظفين فقط، و ليست راحة من الوظيفة فقط، بل هي راحة من كل شيء بما فيه عمل الخير و أعمال العبادة، و لا مجال هنا لتفصيل مدى معاناة العاملين في مجال الأعمال الخيرية و مساعدة المرضى، حيث تنقص مساعدات الناس لنا، و تكاد تنعدم، لا ألبسة و لا أدوية، و لا مال طبعا، فالإلهام انقطع، و وحي التدين لم يصل وقته بعد لكي ينزل.

و هذا العام ظاهرة تغيير العباءات تكون واضحة أكثر، لأننا لا زلنا في فصل الحب، و نقترب من شهر التدين، و سوف يتغير الناس في ظرف قصير من النقيض للنقيض بمجرد إعلان رؤية هلال رمضان.

هذه ليست دعوة لمقاطعة الراحة و الاستجمام، و ليست كذلك منعا للناس من تكثيف العبادات في الشهر الفضيل، و إنما رفضا لمظاهر النفاق و التناقض التي يعيشها الناس و بطريقة طبيعية و تلقائية. و خاصة أننا نجد نفس الشخص الذي كان يبيح كل شيء لنفسه على شاطئ البحر، يسابقك في الصفوف الأولى في صلاة التراويح !!!

حتى أن أغلبية الفنانين و الإعلاميين لما يتحدثون إلى الصحافة في شهر رمضان، يتقمصون شخصية المؤمن التقي الذي لا يفارق القرآن لسانه، و لا ترفع جبهته من السجادة من كثرة قيامه ليل رمضان.

يبدو أن عامة الناس و نخبتهم يشتركون في النفاق و يجيدون كثيرا تمثيل دور الإنسان المتدين.

أسميه نفاقا لأني أرى الأغلبية يعودون إلى محاكاة أحداث فيلم "في الصيف لازم نحب" بمجرد انتهاء الشهر الفضيل، و ربما قد يبقى تقمص دور المؤمن لغاية مرور موسم الحج.

أغلبية الناس يعيشون حياة شبيهة بتلك التي تعيشها راقصات مصر، اللواتي يرقصن طيلة أيام السنة، و خلال شهر رمضان يعتكفن في منازلهن للتفرغ للعبادة و أداء العمرة، الفرق بين العامة و الراقصات، أن الأخيرات تكون الأضواء مسلطة عليهن و اللوم موجه إليهن، أما العامة فلا أحد يلومهم على نفاقهم.

اطمئنوا، لن آخذ مناصبكم

عندما ندخل أي مجال، نجد من يرحب بنا، و من يتجاهلنا، و أحيانا أخرى من يحاربنا لنعود من حيث أتينا.

و الحمد لله أني لم أجد كثيرا من يحاربني و يؤذيني مباشرة، سواء في ميدان عملي الاجتماعي ، أو في ميدان الصحافة الإلكترونية و كتابة المقالات.

و لكني لقيت من التجاهل ما يجعلني أغلق باب غرفتي و أعتصم بها، و أقسم على عدم الخروج أبدا.

هل التجاهل نوع من أنواع المحاربة و الأذية؟

ربما….

الغيرة و الحسد صفتان تميزان أغلب الناس، بدون استثناء، إلا من رحم ربك.

و ربما في أماكن العمل و النشاط تكون واضحة أكثر، خاصة بين الصحفيين و الإعلاميين و الفنانين حيث تكون درجة النرجسية و الأنانية طاغية جدا.

بعد إنهائي لدراستي الجامعية سنة 2000، دخلت عالم الصحافة المكتوبة الذي لم يكن أبدا دخولا موفقا بالنسبة لي، دخلته كمتربص و لم أكمل التربص أبدا، و لكني بقيت لمدة معينة وسط ذلك الجو مع بعض المراسلين الذين تعرفت عليهم، ممن يكتمون عنك كل ما يرون فيه فائدة لك، بعضهم كان منافقا و مجاملا لي، و بعضهم كانت الغيرة و الكره باديا على وجهه من الأول، رغم أني لم أكن أشكل أي خطر على أحد، فالفشل كان واضحا من الأول بأنه مصيري المحتوم في هذا الميدان، أقصد كمراسل صحفي، ربما ككاتب مقالات على النت لا أعتبر نفسي فاشلا و بكل تواضع.

حتى بعد عودتي للكتابة عن طريق النت، بقي التجاهل دائما هو الصفة المميزة لأبناء بلدي و مدينتي خاصة، و كأنهم يستكثرون عليّ تلك المساحات الصغيرة التي تنشر بها مقالاتي المتواضعة على مواقع النت العربية.

كما أن بعض المواقع تتعمد نشر مقالاتي مع صفحات القراء، و تحذف تعريفي في آخر المقال كناشط اجتماعي، مع أن العمل الاجتماعي هو فعلا عملي اليومي المأجور و التطوعي الذي تعرفني به كل المدينة، و لا يمكن أن أعيش بدونه.

كما أن أبناء بلدي الحبيب من الإعلاميين و الصحفيين، في الغالب يرفضون إضافتي على الفايس بوك، ليس كلهم، لكن فئة معينة، و الحمد لله أن أغلب الإعلاميين العرب المشاهير موجودون بقائمتي على الفايس بوك، و قبلوا الإضافة بكل تواضع، كما يوجد بالقائمة أدباء و صحفيون جزائريون بارزون قبلوا الإضافة من أول مرة.

قبول الإضافة بالفايس بوك ليس بالعافية كما يقولون بـ "مصر". ليس بالغصب و ليس إلزاميا. لكني أقول هذا من كثرة ما رأيت من تهميش منذ أول وهلة وطئت قدمي ميدان الصحافة، و رأيت كيف أهمش أنا و تعامل زميلة مبتدئة ذات مستوى علمي هابط معاملة مميزة، لمجرد أنها تلبس تنورة قصيرة أو بنطلونا ضيقا و قميصا بلا أكمام، يجعلهم يستطيعون استراق لمسات سريعة و خفيفة خلال حديثهم معها بدون أن تعترض هي.

و مع ذلك، لست من الذين يلومون غيرهم على فشلهم، أو يتخذون من الظروف الصعبة شماعة لتعليق الأخطاء عليها.

أعترف بتقصيري اتجاه حبي للصحافة، لأني لم أكن أملك نفسا طويلا و صبرا كبيرا، تراجعت في أول الطريق، بل و قبل البادية تراجعت، و لم أكن وفيا لحلمي و عشقي، بل هربت إلى عشقي الثاني، و انغمست لحد يومنا هذا في العمل الاجتماعي، لكنه لم يكن هروبا من الواقع، ليس اليأس هو من جعلني أتجه للأعمال الخيرية، بل كنت أحاول منذ صغري ترجمة متعتي في مساعدة الناس، و لم أكن أجد التوجيه الكافي…

و الحمد لله رزقني الله ما أكنت أدعو بأن يتحقق في صلاتي، أن يرزقني وظيفة تكون قريبة جدا من العمل الخيري التطوعي، و أنا أعمل الآن بوظيفة تجعل كل أنواع الفئات المحرومة بالجزائر تزورني يوميا. بينما وقت فراغي إن لم يكن مع النت و المقالات، فهو بالمستشفى مع أكثر ناس أحبهم في الدنيا، المرضى، لأنهم ضعفاء و مساكين، لا يعرفون الغيرة و الجحود، و لن أجد منهم الظلم، بل كل الخير أجده عندهم و الدعوات الجميلة أسمعها منهم يوميا.

أرجو أن تكون هذه الفضفضة فرصة لكل أحبائي لكي يتعرفوا عليّ أكثر. هي ليست للنشر بالمواقع على النت. بل سأنشرها فقط بمدونتي الشخصية.

الجريمة بالمفهوم الجزائري

أخذت الهجرة غير الشرعية أو "الحرقة" بالجزائر بعدا آخر في السنوات الأخيرة، حيث تفاقمت الظاهرة وزاد عدد الشباب بل والشيوخ والنساء أيضا الحالمين بالهجرة والمنفذين لها. طبعا لا يجدون أمام تحقيق حلمهم إلا الهجرة غير الشرعية واللجوء إلى طرق غير قانونية كثيرة للوصول إلى أرض الخلاص، إلى الضفة الأخرى، حيث يحلمون ببلد آخر يستقبلهم، يجدون به ما ينقصهم، حيث يجدون الحيوان يتمتع بحقوق مقدسة وتخصص له مستشفيات وفنادق ومنتزهات، بينما في بلادهم قد يكون أغلبهم لا يملك من الحقوق إلا حق الوجود والحق في الحياة، وفي السابق حتى هذا الحق البديهي سلبته آلة الإرهاب من الشعب الجزائري، ولم تتوقف لحد الآن عن سلبه إياه، مع أن آلة صناعة الموت تمشي ببطء شديد اليوم، بعد تطبيق ما يسمى بـ "الوئام المدني" و"المصالحة الوطنية"، حيث نزلت أعداد هائلة من الإرهابيين وانخرطوا في الحياة المدنية بعدما ألقوا السلاح وأصبح يطلق عليهم اسم "التائبين"، لكنهم لا يحملون من التوبة إلا الاسم، لأن من يتوب يكون نادما على ما فعل ومنكسر الجناح و النفس، أما هؤلاء فنزلوا نزول المجاهد المنتصر، ويسيرون بيننا بشموخ و عزة.

خصصت الدولة لهؤلاء منحة شهرية قدرها 16 ألف دينار جزائري، وجرمت كل شخص يجرأ على نعتهم بالإرهابيين.

بالمقابل، المهاجر غير الشرعي أيضا يعتبر مجرما في نظر القانون الجزائري، ليس لديه الحق في تحقيق حلمه بطريقة غير قانونية، مع العلم أن كل الطرق الشرعية والقانونية مغلقة في وجهه.

كيف كان يقضي هذا "الحراق" يومياته قبل إقدامه على فعلته هذه التي يعتبرها النظام جريمة و نقصا في الوطنية؟

هو كان إما شابا بطالا، بطالته دامت لسنوات كثيرة حتى بدأ يرى بوادر الشيب تغزو شعر رأسه، فسارع إلى الهجرة قبل أن يصبح كهلا، و إما مواطنا عازبا لا يقدر على تكاليف الزواج، فاته قطار الإنجاب، وحتى وإن تزوج سيكون بمثابة الجد لابنه. وقد يكون أيضا حاملا لشهادة جامعية بلا معنى، ففضل الغرق معها في البحر و شرب ماءها، بعد أن سئم من سياسات التشغيل التي تسخر منه أكثر مما توفر له الحل.

أغلب هؤلاء الشباب كانت تمتلئ بهم المقاهي، هم ينافسون الشيوخ المتقاعدين على كراسي المقاهي، المقهى هو الاستثمار الوحيد الذي لا يخسر أبدا في الجزائر، لأنه من المستحيل أن تخلو من الناس، والفضل في ذلك للبطالة.

وكذلك يرجع الفضل لهذا القاتل الصامت (البطالة) في تفاقم ظاهرة جرائم النشل و قطع الطرق والسرقة بصفة عامة. ولا داعي للمرور على المخدرات، أو القول بأنها قاتل شرس آخر للشباب الجزائري ومستنقع آخر يغرق فيه.

البطالة أيضا يرجع لها الفضل في زيادة نسبة الانتحار، لأنه لا شيء يجعل الفرد يقدم على قتل نفسه مثل فقدان الإحساس بالذات والشعور بعدم القيمة وانعدام الجدوى.

ومع كل هذا، نجد النظام له الجرأة لتجريم المهاجرين غير الشرعيين واتهامهم بفقدان الوطنية.

عن أي وطنية تتحدثون؟ الوطنية التي تجعلكم تقضون عطلكم في سواحل "الكراييب"، أو التي تمكن أولادكم من الدراسة بالخارج بأكبر الجامعات و نيل أرفع المناصببأنجح الشركات؟

(صحيفة المتوسط - العدد: 12 - السبت 30/05/2009)

غطاء العفة الوهمي

لا يوجد مجتمع يصرح بوجود الانحرافات الجنسية به، و لا دولة تعترف بغرقها في وحل الدعارة، و الكلام هنا يتعلق خاصة بدولنا العربية و الإسلامية.

إنكار الدعارة و الانحراف يتم في ظل تفاقم هذه الظواهر لدرجة مخيفة، و بين الواقع الحقيقي و الحقائق الوهمية التي تصرح بها الدول، فرق كبير.

كما أن تغطية الشمس بالغربال لا تنفع، و لا ينفع أيضا دفن الرأس بالتراب مثل النعامة، فالتستر على وجود انحرافات جنسية حقيقية لا يؤدي إلا إلى زيادتها و نموها و انتشارها في صمت و بدون مجهود معارض من أحد.

لا ينفع إنكار وجود المثلية الجنسية بالجزائر أو بأي دولة عربية أخرى، حتى و لو كانت تلك الدولة تلبس عباءة الدين و تتقمص دور رعاية الدين الإسلامي. و لا أريد ذكر أي دولة عربية تفاديا للتفسيرات و الاتهامات الجاهزة.

كما أن نفي وجود الدعارة ببلد ما، لا يعني أنه في الواقع قد تكون هذه الدولة ماخورة العالم أو المصدر الرئيسي للرقيق الأبيض. و لا ينفع التستر على جرائم البيدوفيلي في رؤية الواقع الجديد و الذي يقول بأن هذا المرض تفاقم و صعد إلى السطح، و لم يعد مجرد سلوك مؤقت نتيجة غياب المرأة و تأخر سن الزواج. أتحدث هنا خاصة عن الوضع بالجزائر التي شهدت بالسنوات الأخيرة تزايدا ملحوظا جدا في ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال، و مؤخرا و بإحدى الملتقيات أنكر بعض الخبراء و الأخصائيين كونه مرضا حقيقيا و توجها جديدا للشباب و إنما هو بسبب الظروف الاقتصادية و تأخر سن الزواج. ما الفائدة من التصريح بالصحافة بأن شبابنا بخير و لا يعاني من ميولات جنسية مرضية، بينما الظاهرة في ازدياد و عدد ضحاياها لا يتوقف؟

كما أن نظام الحكم و تماشيا مع الطبيعة الدينية للمجتمع الجزائري، يرفض الترخيص القانوني لبيوت الدعارة و جعلها تعمل في إطار قانوني منظم، مع أن بيوت الدعارة السرية و ما يحدث في الواقع أكثر فظاعة مما لو كانت تلك البيوت مرخصة. مع العلم أني لست ممن ينادون بالترخيص لها، و إنما أتحدث عن التناقض في المواقف و التصريحات إرضاءا للشعب الذي يؤمن بوهم أنه يعيش في مجتمع محافظ و متدين.

ليس بهذه الطريقة نحافظ على صورة الجزائر الجميلة، ليس بإنكار الواقع و تجميل الوهم.

وباء بـ”سمنة” و وباء بـ”عسل”

وجدت هذا المثل الشعبي المصري مناسبا جدا لتعامل ما يسمى بالمجتمع الدولي مع مرض أنفلونزا الخنازير، الوباء الذي ملأ الدنيا هلعا و رعبا.

خوف كبير لا يبرره أبدا عدد الوفيات المسجلة بسببه، و لا حتى طريقة انتشاره و نسبة انتقاله بين الأشخاص و الدول، لأنه حدثت مثل هذه الجعجعة من قبل خلال ظهور أنفلونزا الطيور، و قبلها جنون البقر.

لست مستهينا بالمرض، و لا بكل ضحاياه، المكسيكي إنسان مثله مثل الأمريكي و الأوروبي و العربي، و الإفريقي….

هذا الأخير، يبدو أنه سقط من قائمة البشر، و كأنه إنسان من درجة ثانية أو ثالثة، و مهما حاول العالم غير الإفريقي التشدق بمقولات المساواة و نبذ العنصرية و حقوق الإنسان، يبقى دائما واقع الإنسان الإفريقي و خاصة المريض الإفريقي واقعا رهيبا جدا و مؤلما، واقع مؤسف في ظل كل ما يعانيه من أمراض بدائية تعرف باسم أمراض الفقر.

الكوليرا وحدها تقتل أضعاف ما سقط لحد الآن من ضحايا أنفلونزا الخنازير و أخواتها من أوبئة الألفية الثالثة، فقتلاها بالمئات سنويا، و المصابون بها بالآلاف، ففي زيمبابوي مثلا، توفي حوالي 500 شخص بوباء الكوليرا في الفترة ما بين شهر أوت و نوفمبر 2008، فيما سجل أكثر من 11 ألف مصاب.

هناك لا عدل في الضجة الإعلامية المرافقة لظهور أنفلونزا الخنازير و الطيور و بين ما تناوله الإعلام حول الأوبئة البدائية التي تصيب قارة إفريقيا باستمرار.

هناك من يفسر الجعجعة الإعلامية الدائرة حول الأمراض الجديدة هذه بدور شركات إنتاج الأدوية، لأنها فرصة مواتية جدا لتسويق أدوية و لقاحات قديمة و جديدة بكميات كبيرة جدا، خاصة و أن هذه الأمراض الجديدة و لحد الآن تظهر و تنتشر بالدول الغنية و التي يمكن لها شراء كميات هائلة من الدواء بدون انتظار تكرم الجمعيات و المنظمات الخيرية العالمية.

و سواء كان تهافت الإعلام على الوباء الجديد بريئا أو له خلفيات، هو تهافت غير مبرر، و المؤكد طبعا أنه جعل الفضائيات و الصحف تسترزق منه و من تهويل الأمر.

في بعض وسائل إعلامنا العربية و مواقع النت، أضحكتني كثيرا تلك التفسيرات التي تصور الأمر على أنه أمر إلهي و انتقام رباني من الكفار آكلي لحوم الخنازير، لأنه إذا طبقنا هذه التفسير على ظهور مرض جنون البقر، سيقول الهندوس أن ظهور المرض هو انتقام إلههم الذي يتجلى في صورة بقرة، أو تسكن روحه البقر.

ثقافة الاعتذار

قبل أسابيع، اعتذر الرئيس الأمريكي باراك أوباما لفئة المعاقين، بعد أن أخطأ في حقهم خلال مقابلة تلفزيونية مسجلة مع "جاي لينو" في برنامجه "تو نايت شو"، حيث شبه مستواه في رياضة البولينغ بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، و قد جاء اعتذاره قبل بث البرنامج، و مع ذلك لم يسلم من الانتقادات و الاستنكار بسبب تصريحه غير اللائق.

مباشرة بعد سماعي للخبر، تبادر شيء واحد و محدد إلى ذهني، أين نحن من ثقافة الاعتذار هذه؟ هي غائبة تماما عن مجتمعنا و في دولنا، و عند ساستنا.

لم نسمع يوما مسؤولا جزائريا اعتذر عن خطأ اقترفه، مهما كان حجم الخطأ المرتكب، و مهما كان المسؤول كبيرا أم صغيرا.

لم نسمع يوما واحدا من رؤساء الدولة السابقين و الرئيس الحالي أو وزراءهم يعتذرون عن عدم وفاءهم بوعودهم المتكاثرة و المتواصلة للشعب، و لا عن سياساتهم الفاشلة، على الأقل كانوا يعتذرون لضحاياها المباشرين.

أخطاء فادحة تحدث بسبب فساد الإدارة و المسؤولين و المدراء، منازل تسقط و عمارات جديدة لا تصلح للسكن من أول يوم انتهت فيه عمليات البناء، و لا نسمع اعتذارا من الوزير المعني بالأمر، مع أن الأولى به كان الاستقالة، خاصة إذا أخذ الخطأ معه أرواح عائلات بريئة، كما حدث من قبل، و لم يستقل أحد و لم يعتذر.

كوارث البيدوفيلي مستمرة في مدارسنا، ضحايا الاعتداءات على الأطفال يتزايدون و مدير التربية لا يتغير أبدا و لو حول كل تلاميذ المدارس إلى المصحات النفسية.

في نفس المجال، حدثت أخطاء فادحة في الكتب المدرسية مست حتى الثوابت الوطنية كاللغة و الدين، و لم نسمع اعتذارا أو شيئا من هذا القبيل.

أما في المجال الاجتماعي، لا أريد أن أقول بأن المطلوب هنا هو توفر أوباما جزائري، على الأقل يؤمن بحق المعاقين في سماع اعتذار منه إن هو أخطأ.

لا أنتظر أبدا من وزير التضامن الوطني أن يعتذر لفئات محرومة كثيرة، مع أنه من المفروض أن يقدم الاعتذار عن استهزاءه بهم بتلك القوانين الظالمة التي تصدرها وزارته، المفروض أنه يعتذر لفئة الصم البكم بسبب حرمانهم من بطاقة الإعاقة و من المنحة و رقم التأمين، كما يعتذر لفئة المعاقين بسبب الشرط القاسي الذي تضعه وزارته مقابل إعطاءهم المنحة و رقم التأمين، هي تشترط عليهم الزواج، أن يكونوا أرباب عائلات، أي أن المعاق الأعزب ليس له إلا التسول لتأمين دواءه، و كذلك الأمر للأطفال المصابين بأمراض مزمنة، يجب أن يقدم لهم الوزير اعتذارا بسبب حرمانهم هم أيضا من المنحة و رقم التأمين و من الدواء، و إجبار أولياءهم على التسول بالمساجد و الجمعيات الخيرية.

لكن، يبدو أن ثقافة الاعتذار غير واردة أبدا في قاموس أصحاب القرار و الإصدار، كما هي غير واردة أبدا عند باقي أفراد الشعب فيما بينهم.