سنوات السعار الجنسي

من بين أكثر الظواهر الاجتماعية التي أعايشها يوميا و لو كملاحظ، ظاهرة التحرش الجنسي، هو موجود في كل مكان، المؤسسات و الإدارات، في الحافلات و الشوارع و الطرقات، و كأن كل الناس أصيبوا بمرض السعار الجنسي.


نظرات الشباب و الكهول للنساء و الفتيات كنظرة الجياع إلى الطعام، أو العطشى إلى الماء، ظمأ عاطفي و جنسي كبير يعاني منه الرجال صغارا و كبارا، عزابا و متزوجين، و لا تسلم من تلك التحرشات و المعاكسات إلا العجائز الهرمات، فكل من ينطبق عليها وصف “أنثى” هي صالحة للتعامل معها كمصدر إشباع جنسي، هي مثيرة و لو كانت منقبة أو ذميمة أو معاقة.


أصبحت الظاهرة مقلقة فعلا، لأنها شملت كل الفئات العمرية و النوعية من النساء، فالمسؤول في الإدارة يتعامل مع كل وافدة جديدة إلى إدارته على أنها صالحة لأن تكون وجبة جنسية سريعة بالمكتب وقت انتهاء الدوام، أو بركن مخفي من أركان المؤسسة، على شاكلة الأفلام و المسلسلات الأمريكية التي عرفت جيدا كيف تجسد الجنس في الإدارات و المؤسسات.


في الحافلات، هناك متخصصون محترفون في هذا المجال، هم فئة لوحدها من مرضى السعار الجنسي، هم من الفقراء الذين يعانون جوع البطن و الفرج، يوم تكون الحافلة مكتظة ذلك هو يوم العيد عندهم، حيث تكون الفرص كثيرة و الأجساد المتلاصقة من كل نوع و لون.


أما في الشوارع و الطرقات، فمن المستحيل مرور دقيقة واحدة بدون معاكسة، عنف رمزي و ألفاظ جنسية صريحة تستخدم في معاكسات الشباب لكل أشكال التنوع النسائي الموجودة أمامهم بالشارع، مع أن الأكثر استهدافا هن ذوات المؤخرات البارزة ممن يلبسن السراويل الضيقة، لا أدري هل ميزة الألفية الثالثة هي الاهتمام بالمؤخرة دون غيرها من باقي أعضاء الجسم؟


أظنها ظاهرة موجودة بكل دول العالم، أو بالأحرى هو اتجاه أو ميول يميز عالم اليوم، البعض يقرنه بالمغنية “شاكيرا” و مثيلاتها ممن يظهرن اهتماما كبيرا بتلك المنطقة الحساسة، و التي تساهم كثيرا في استمرارهن على الساحة الفنية.

و للموضة الدور الأكبر في هذا الاتجاه، و لا عجب في ذلك بما أن أغلب مصممي الأزياء العالميين هم من المثليين، حيث تشكل تلك المنطقة لهم عقدة حياتهم.


و كما للموضة و التحرر الجسدي العشوائي نصيب كبير من اللوم في تفاقم هذه الظاهرة، يجب أن يكون للقوانين الغائبة نصيب أيضا من هذا اللوم و كذلك اللوم على من يتهاون في ضبط الأمن و توفيره، و للعدالة المفقودة أيضا نصيب، و طبعا الوضع الاجتماعي المتردي و كل ما يحويه من فقر و بطالة و مخدرات و تأخر سن الزواج، كلها أسباب هامة جدا و مباشرة في بروز ظاهرة السعار الجنسي.


لكن المشكل أيضا، يتعلق بالأخلاق، و بنوعية الوعي و الوعظ الديني و الأخلاقي الذي يتلقاه الفرد في المجتمع، هناك خلل في نوعية الوعظ السائد، ففي نفس الشارع قد نلحظ شابين، أحدهما له الجرأة على لمس مناطق حساسة بجسم فتاة تسير أمامه، و الآخر من شدة طأطأته لرأسه و تفاديه النظر إليها، يصطدم بالناس و يتعثر بهم، أي مجتمع نعيش به، و أي مستقبل نرجو بوجود هذه النماذج؟

0 تعليقــات:

إرسال تعليق

free counters

عن المدونة

مقالات الكاتب و الناشط في مجال الأعمال الخيرية و الإنسانية جمال الدين بوزيان