ثقافة الدعم والترويج

ثقافة الدعم والترويج لأبناء الوطن من فنانين وأدباء ورياضيين غير موجودة تماما في القاموس الجزائري لدى عامة الناس أو لدى رجال الإعلام والصحافة والأدب، والنخبة المثقفة ككل. مؤخرا فقط، تأسفت كثيرا للصمت الجزائري الرهيب الذي صاحب هذا العام كما في 2004 خبر ترشيح الكاتبة الجزائرية “آسيا جبار” لجائزة نوبل للأداب، وهي المرة الثانية التي رشحت فيها الأديبة الجزائرية الفرانكفونية المقيمة بالولايات المتحدة الأمريكية، ولم تكن مرشحة عادية، بل كان اسمها حاضرا بقوة، ووضع من طرف المختصين والمهتمين كأوائل المرشحين.

صمت طويل استمر لغاية إعلان اسم الفائز بالجائزة وعن جدارة، الكاتب الفرنسي ذو الأصول البريطانية “جان ماري غوستاف لو كليزيو”، خبر ترشيح آسيا جبار مرّ مرور الكرام بالإعلام الجزائري، الذي لم يتحرك لدعمها، سواء التلفزيون اليتيم، أو الصحف العمومية والخاصة الكثيرة، الكبيرة منها والمجهرية، والصحف القليلة التي تطرقت للموضوع أوردته كخبر عادي صغير ضمن صفحاتها الثقافية التي لا تلقى أصلا عناية خاصة، اللهم إلا صحيفة “الجزائر نيوز” المتميزة بميلها لكل ما له علاقة بالأدب والمسرح والفكر عموما.

كنت أتمنى لو وفر الجزائريون والإعلام خاصة دعاية لائقة بالكاتبة التي تمثل الجزائر في جائزة نوبل، وما أدراك ما “نوبل”، هي ليست بالجائزة العادية، ولا يستطيع أحد أن ينكر حجم الشرف الكبير الذي يطال الدولة التي سيكون منها الفائز بالجائزة، مهما قيل عنها وعن خلفيتها السياسية والإيديولوجية.
كنت أتمنى لو خصص التلفزيون الجزائري بقنواته الثلاث برامج عن هذه الأديبة المغتربة التي لم تتخل عن خصوصيتها المحلية الجزائرية في إنتاجاتها، كما استغربت عدم توقف الصحافة المكتوبة عند هذه المحطة المشرفة للجزائر، وعدم تخصيص المقالات والصفحات لآسيا جبار.

واستنكرت أيضا غياب صوت الأدباء كبارا وصغارا للدلو بما يجب أن يقال في مثل هذه المناسبات.
أمر آخر، لا وجود لمدونات داعمة ومروجة للمرشحة الجزائرية للجائزة، ولا وجود لمشاركات مكثفة بالمنتديات الإلكترونية على النت لدعمها.
ما حدث منذ أيام وأسابيع مع آسيا جبار، حدث من قبل مع جزائريين آخرين على اختلاف مجالاتهم، ففي الرياضة مثلا، لحد الآن ومنذ مشاركته في برنامج الواقع “سوكا ستارز” على قناة المستقبل سنة 2005، لا يزال اللاعب الجزائري “صدوق الحاج” يلقى التهميش والتنكر من الإعلام الجزائري، وكذلك الأمر بالنسبة للمنشد الجزائري “نجيب عياش” الفائز هذا العام بجائزة “منشد الشارقة 3″ على قناة الشارقة، ومن قبله في العدد الأول من المسابقة المنشد “عبد الرحمان بوحبيلة” والذي تحصل على المرتبة الثانية في نفس المسابقة.

ربما الحالة الوحيدة التي كسرت قاعدة غياب ثقافة الدعم والترويج عند الجزائريين هي حالة طالبتي برنامج “ستار أكاديمي” الأختين “ريم وسلمى غزالي مع أن الدعم كان من طرف المراهقات والمراهقين بصفة خاصة، وعن طريق النت والموبايل، أما الصحافة فقد تاجرت بالموضوع أكثر مما دعمته.

وبعيدا عن مثال ريم وسلمى المميزتان شكلا وحضورا والضعيفتان صوتا وأداء، لماذا لم تلق الفنانة الجزائرية “أمل وهبي” الدعم المناسب والذي كان يجب أن يكون لألبومها الجديد الذي جعلته جزائريا مئة بالمئة ومختلفا عن ألبوماتها السابقة الناجحة ذات الطابع المشرقي.

وبمناسبة ذكر المشرق والخليج العربيين، نجد الأمر على العكس تماما، فثقافة دعم أبناء الوطن حاضرة بقوة، أقصد الدعم الإعلامي والإلكتروني، خاصة الخليج العربي، نجد المنتديات والمدونات على النت تخصص للمشاركين ببرامج الواقع على اختلافها، شعرية، غنائية، إنشادية، رياضية…، والدعم يتعدى هؤلاء ليشمل مشاهير في الأدب والفن كبار عمرا وقيمة.
ترى، ماذا كان سيحدث بالإعلام وشبكة النت لو كانت “آسيا جبار” سعودية أو مصرية؟

0 تعليقــات:

إرسال تعليق

free counters

عن المدونة

مقالات الكاتب و الناشط في مجال الأعمال الخيرية و الإنسانية جمال الدين بوزيان