اقتناص الفرص لإقالة المسؤولين المغضوب عليهم

ربما تكون كتابتي لهذا المقال متأخرة قليلا و غير مواكبة للحدث ساعة وقوعه، و أكيد لست أفهم في الأدب كما يفهم فيه أهله من الكتاب و الشعراء، و لكني رأيت من واجبي أن أقول هذه الكلمات، التي أراها إنصافا من في حق أديب جزائري كبير بمنزلة “د.أمين الزاوي” الذي كان أيضا مديرا ناجحا للمكتبة الوطنية الجزائرية و استطاع في 5 سنوات أن يحولها إلى منبر ثقافي و فكري جميل، ليحول معها صورة المشهد الثقافي الجزائري ككل، و يقدم صورة جميلة عن الجزائر.

و هذه النقطة بالذات التي جعلتني أصر على الانضمام لقائمة الرافضين لإقالة أمين الزاوي و المدافعين عنه.

حلمي الدائم، هو أن يكون بالجزائر كما في أغلب الدول جوا ثقافيا مليئا بالنشاط المستمر و ليس الاستثنائي، أن يكون لدينا مشاهير في الأدب و الفكر و الفن و الإعلام يشرفون بلدهم و يعملون من أجله.

أمين الزاوي، أراه من هؤلاء الذي حققوا أو بدأوا في تحقيق جزء من هذا الحلم.

إقالته خسارة كبيرة للوسط الثقافي الجزائري، انجازاته في 5 سنوات لا يستطيع حتى الجاحدون إنكارها، أدباء و مفكرون جاءوا من شتى المجالات و المشارب الفكرية و الأيدلوجيات جاءوا إلى الجزائر، و بدل أن تعمم الفكرة على باقي ولايات الوطن و مكتباتها، فوجئنا باقتناص فرصتين قد لا تتكرران بنفس السرعة و التتالي لإقالة المدير و الأديب المتميز، محاضرة أدونيس المثيرة للجدل، و كتاب الإعلامي “محمد بن شيكو” الجديد، فرصتان مناسبتان جدا لاختلاق حجة منطقية مقبولة لإزاحة المدير المغضوب عليه أمين الزاوي، مع أن قيمته كأديب و حتى كمدير ستبقى دائما محفوظة و لن تؤثر فيها إقالة أو إبعاد.

ربما هي عادة السلطة عندنا، المبدع الذي يختلف في الرؤية معها لا يجب أن يترك، مع أن الأهداف قد تكون واحدة، و النتيجة نفسها، لكن مجرد الاختلاف في منهج العمل قد يؤدي إلى الإبعاد.

ثم إن مسايرة السلطة الجزائرية للرأي العام و محاولة إرضاءه في مواقف كثيرة و التي من بينها إقالة أمين الزاوي، تجعلني أحتار فعلا، هل هي سلطة إسلامية؟ أم هي ميالة إلى العلمانية؟ و الليبرالية؟ هل هي مع حرية التعبير أم ضده؟ هل هي مع الفن أو هي تعمل على منعه؟ احترت فعلا تحديد الخط الذي تسير عليه، من جهة تمنع حفلات ستار أكاديمي لبنان، و من جهة أخرى تتحفظ على زيارة الداعية عمرو خالد للجزائر، و تمنع كتب “ابن تيمية” بالمعرض الدولي للكتاب !!!

هل ما قاله أدونيس في محاضرته بالجزائر هو المشكل الوحيد الذي يتطلب من السلطة التحرك بهذه السرعة؟ و هل يعقل أن يكون كتاب “بن شيكو” الجديد معاديا للسامية؟ ألم تجد وزارة الثقافة الجزائرية حجة أكثر إقناعا؟

إن تحسري على تغييب أمين الزاوي، لا يمنعني في نفس الوقت من تمني أن تتواصل نفس الحيوية الثقافية مع المدير الذي سيخلفه، و لو بطريقة أخرى، المهم أن لا يكون التغيير من النشاط إلى الركود. كما أن المكتبة الوطنية الجزائرية هي منبر واحد، أين باقي المنابر؟ ألا يجب أن تتحرك هي الأخرى و تنفض عنها غبار الركود؟

0 تعليقــات:

إرسال تعليق

free counters

عن المدونة

مقالات الكاتب و الناشط في مجال الأعمال الخيرية و الإنسانية جمال الدين بوزيان