احتكار الجنة

المستقبل للسلفية، هكذا قال الباحث المصري في شؤون الجماعات الإسلامية “حسام تمام” في حديثه مع إحدى الصحف الجزائرية، والتي نشرت لقاءا طويلا معه، قرأته باهتمام وأقنعني محتواه لما وجدت فيه من أفكار منطقية مستندة لدراسات عديدة في علم الاجتماع الديني، ومن معطيات واقعية أعرفها جيدا من خلال معايشتي ككل الجزائريين للمد السفلي المتنامي بطريقة مخيفة جدا، أصبحت تعرقلنا في أبسط أمور حياتنا من خلال فتاوى غريبة تكاد تحرم علينا كل شيء وتفرض في مضمونها نموذجا غريبا للتدين تقدمه لنا على أنه الطريق الوحيد للدخول للجنة والخلاص من النار.

إن استشراف “حسام تمام” يجعل أي إنسان متعلم أو أمي يؤمن بحرية الفكر والرأي والمعتقد يخاف ويتغير ضغط دمه. إن تحقق هذا الاستشراف في المستقبل، يعني أننا سنعيش المزيد من احتكار الأفكار والحقيقة، وأن المستقبل سيكون لفئة كبيرة تحتكر الجنة لها فقط، ستكون هي الأكثرية، بينما المخالفون لها سيكونون أقلية إن كتبت لهم الحياة في ظل السلفية.

انتشار الإسلام في العالم وزيادة عدد معتنقيه يفرح أي مسلم طبيعي، لكن ما يحدث الآن هو زيادة المد الأصولي وتكاثر أفكار التشدد، والمؤسف حقا هو أن المعتنقين الجدد للإسلام يدخلونه من باب السلفية التي لا أرى فيها خيرا، سواء علمية، أو إصلاحية حركية، أو جهادية، لأنها كلها وإن كان بينها خلاف وصراع تتفق في نقاط جوهرية أهما رفض الآخر التي تراه ضالا محترقا في النار لا محالة، إضافة إلى مشكل رؤيتها للعالم وتقسيمه إلى دار إسلام ودار حرب، ورفضها للدولة الحديثة في شكلها الحالي.

والجزائر مرت بعشرية قاسية جدا بسبب التطرف الديني الذي كان يلبس آذاك عباءة الإخوان المسلمين، واليوم أصبحت دماء الجزائريين تسفك باسم السلفية، سلفية جهادية تخطت السلفية العلمية والحركية المهتمتان بالتكفير النظري إلى التطبيق على أرض الواقع و تنفيذ الجهاد ضد من يخالفونهم.

كنت أتمنى لو قرأت استشرافا أكثر تفاءلا يكون فيه المستقبل للحرية وحدها، وليس استشرافا ينذر بقدوم رياح السلفية ترقبا للعاصفة.

0 تعليقــات:

إرسال تعليق

free counters

عن المدونة

مقالات الكاتب و الناشط في مجال الأعمال الخيرية و الإنسانية جمال الدين بوزيان