ما الذي منعكم عن 99% ؟

حسب ما كان متوقعا، و بدون أي مفاجآت، كان الفوز في الانتخابات الرئاسية الجزائرية من نصيب الرئيس الحالي "عبد العزيز بوتفليقة" بنسبة 90,24%، حيث سيطر لوحده على أكثر من 12 مليون صوت، بينما اقتسم باقي الأرانب المنافسين له حوالي مليوني صوت، مع أن الأرانب مظلومة بتشبيه المنافسين الخمسة لبوتفليقة بها، الأرانب أرقى منهم، على الأقل هي لا تخفي خوفها، و لا تتظاهر بالقوة، و لا تستأسد و تأخذ أدوارا لا تليق بها.

نسبة المشاركة أيضا كانت ضخمة حسب المؤلفين للمسرحية الانتخابية، 74,54%، لا أدري ما الذي منعهم من جعلها أكثر ضخامة؟ ما دامت لهم الجرأة لحد يومنا هذا و في سنة 2009 من تأليف المسرحيات الانتخابية، و تكريس ديمقراطية العالم الثالث، تماما كما في أغلب الدول العربية و الإفريقية.

و لا أدري ما الذي منعهم من جعل نسبة الفوز تقارب 99% ؟ هل ولّت موضة هذه النسب؟ أظن الدارج هذه الأيام هي موضة النسب المعقولة قليلا، على الأقل نسبة 90% تركت جزءا صغيرا يتقاسمه باقي المنافسين، من غير المعقول أن يقتسم 5 منافسين 200 ألف صوت، بينما يأخذ متنافس واحد لنفسه 99% من الأصوات!!!

الله يرحم تلك الأيام، عندما كان الرئيس يفوز بـ 99% من الأصوات، حينما لم تكن هناك لا لجنة مراقبة و لا مجتمع دولي أو مدني، لا عولمة و لا وسائل إعلام منتشرة كما الآن.

و تماما كما يحدث في مجال الفن و الدراما العربية، التي تغيرت منذ ظهورها ليومنا هذا، تماشيا مع التطورات الحاصلة و الظروف المعاشة، نجد المسرحيات الانتخابية أيضا تتغير تماشيا مع الأحداث و الجو السائد في العالم و في البلد نفسه، مع أن نسبة 90% أيضا غير معقولة، لكنها في نظر أصحاب براءة اختراع النسبة 99% تعتبر معقولة جدا، بل و منخفضة مقارنة مع التأييد الشعبي الكبير لفخامته و الانجازات العظيمة و الجليلة التي حققها منذ 10 سنوات، رغم أنه اعترف بنفسه في شهر جويلية 2008 بفشله خلال العهدتين الرئاسيتين اللتين حظي بهما، ما الذي جعله يصر على الثالثة؟

أنا و من يكتب مثلي نوضع في نفس الإطار، و نوصف بالخيانة و بأننا نعرقل مصالح البلاد، بمعنى أنه يجب أن نكون من ضمن المصفقين لهم، و إلا فنحن خونة، تماما كما كان يفعل أنصار الشيوعية في السابق.

يجب أن نؤمن بديمقراطية العالم الثالث و إلا فنحن لا نحب وطننا، و يجب أن نتعلم قول نعم، و إلا فكلمة "لا" هي تعبير صريح عن الخيانة.

أكثر ما يزعجني في مسألة معارضتي هذه، أن التنظيم الإرهابي بالجزائر أو ما يسمونه "تنظيم القاعدة ببلاد المغرب العربي" و الذي مازال يقتل الأبرياء، هو أيضا دعا إلى مقاطعة الانتخابات، لذلك كنت منزعجا من تصنيفي معه، مع أني لم أدع للمقاطعة بقدر ما كنت أحلم بجعل الانتخابات ديمقراطية فعلا و إراحتنا من مسرحياتهم الرديئة.

0 تعليقــات:

إرسال تعليق

free counters

عن المدونة

مقالات الكاتب و الناشط في مجال الأعمال الخيرية و الإنسانية جمال الدين بوزيان