وباء بـ”سمنة” و وباء بـ”عسل”

وجدت هذا المثل الشعبي المصري مناسبا جدا لتعامل ما يسمى بالمجتمع الدولي مع مرض أنفلونزا الخنازير، الوباء الذي ملأ الدنيا هلعا و رعبا.

خوف كبير لا يبرره أبدا عدد الوفيات المسجلة بسببه، و لا حتى طريقة انتشاره و نسبة انتقاله بين الأشخاص و الدول، لأنه حدثت مثل هذه الجعجعة من قبل خلال ظهور أنفلونزا الطيور، و قبلها جنون البقر.

لست مستهينا بالمرض، و لا بكل ضحاياه، المكسيكي إنسان مثله مثل الأمريكي و الأوروبي و العربي، و الإفريقي….

هذا الأخير، يبدو أنه سقط من قائمة البشر، و كأنه إنسان من درجة ثانية أو ثالثة، و مهما حاول العالم غير الإفريقي التشدق بمقولات المساواة و نبذ العنصرية و حقوق الإنسان، يبقى دائما واقع الإنسان الإفريقي و خاصة المريض الإفريقي واقعا رهيبا جدا و مؤلما، واقع مؤسف في ظل كل ما يعانيه من أمراض بدائية تعرف باسم أمراض الفقر.

الكوليرا وحدها تقتل أضعاف ما سقط لحد الآن من ضحايا أنفلونزا الخنازير و أخواتها من أوبئة الألفية الثالثة، فقتلاها بالمئات سنويا، و المصابون بها بالآلاف، ففي زيمبابوي مثلا، توفي حوالي 500 شخص بوباء الكوليرا في الفترة ما بين شهر أوت و نوفمبر 2008، فيما سجل أكثر من 11 ألف مصاب.

هناك لا عدل في الضجة الإعلامية المرافقة لظهور أنفلونزا الخنازير و الطيور و بين ما تناوله الإعلام حول الأوبئة البدائية التي تصيب قارة إفريقيا باستمرار.

هناك من يفسر الجعجعة الإعلامية الدائرة حول الأمراض الجديدة هذه بدور شركات إنتاج الأدوية، لأنها فرصة مواتية جدا لتسويق أدوية و لقاحات قديمة و جديدة بكميات كبيرة جدا، خاصة و أن هذه الأمراض الجديدة و لحد الآن تظهر و تنتشر بالدول الغنية و التي يمكن لها شراء كميات هائلة من الدواء بدون انتظار تكرم الجمعيات و المنظمات الخيرية العالمية.

و سواء كان تهافت الإعلام على الوباء الجديد بريئا أو له خلفيات، هو تهافت غير مبرر، و المؤكد طبعا أنه جعل الفضائيات و الصحف تسترزق منه و من تهويل الأمر.

في بعض وسائل إعلامنا العربية و مواقع النت، أضحكتني كثيرا تلك التفسيرات التي تصور الأمر على أنه أمر إلهي و انتقام رباني من الكفار آكلي لحوم الخنازير، لأنه إذا طبقنا هذه التفسير على ظهور مرض جنون البقر، سيقول الهندوس أن ظهور المرض هو انتقام إلههم الذي يتجلى في صورة بقرة، أو تسكن روحه البقر.

0 تعليقــات:

إرسال تعليق

free counters

عن المدونة

مقالات الكاتب و الناشط في مجال الأعمال الخيرية و الإنسانية جمال الدين بوزيان