عدالة متساهلة مع البيدوفيلي

قرأت منذ أسابيع بالصحف الجزائرية خبرا عن معلم دنيء اغتصب 16 تلميذا بين ذكور و إناث، على فترات متباعدة و لمدة طويلة و بصفة متكررة. و حكم عليه القضاء الجزائري العادل بالسجن لمدة 15 سنة، أي بمتوسط سنة لكل تلميذ مغتصب. هل هناك عدل أكثر من هذا؟ هل هذه هي حقوق الطفل و حقوق الإنسان التي يتباهى المسؤولون هنا باحترامها؟

لو كان هذا المعلم المريض نفسيا قد اغتصب تلميذا واحدا، هل ستكون عقوبته سنة واحدة؟ أو ربما 8 أشهر فقط كما سبق و حدث مع حالات أخرى مماثلة.

هل ثمن الطفولة المسروقة و المستقبل المجهول للتلميذ المغتصب تساوي بضع أشهر أو عدة سنوات؟

حسب قانون العقوبات الجزائري، فإن الاعتداء على الأشخاص القصر عقوبته تتراوح بين 5 إلى 10 سنوات، و غرامة مالية من 10آلاف إلى 100ألف دينار جزائري، و ذلك حسب المادة (342) من أمر رقم 75/47 المؤرخ في 17/06/1975، قانون رقم 82/04 المؤرخ في 13/02/1982.

هل تكفي هذه السنوات؟ هل هي عقوبة عادلة؟

الطفل المغتصب هو مشروع رجل “مثلي جنسيا”، و إن كانت المغتصبة فتاة فهي حتما بلا مستقبل، و قد تكون مشروع عانس في أحسن الأحوال، إن لم تكن مشروع عاهرة جديدة.

الآثار النفسية و الاجتماعية التي يسببها الاعتداء جنسيا على الطفل، تجعلني أفكر جديا في إنشاء جمعية خاصة فقط بهذه القضية، أحلم بجمعية فعّالة تضغط على أصحاب القرار عندنا، و تجعل العدالة الجزائرية عادلة فعلا اتجاه قضية البيدوفيلي. أحلم بجعل عقوبة من يعتدي جنسيا على أي طفل هي المؤبد أو الإخصاء، و لما لا الإعدام إذا ما تلت عملية الاغتصاب عملية قتل الضحية كما يحدث في الغالب.

لست أبالغ، ظاهرة البيدوفيلي ازدادت بشكل مخيف في السنوات الأخيرة، و بعبارة أصح، ازداد توجه الصحافة الجزائرية نحو الكتابة عنها و فضح المستور، مع أن مرض الميل جنسيا نحو الأطفال موجود منذ ظهور الإنسان، و لم تسلم منه حتى المساجد و المدارس و المستشفيات، و لا الأئمة و الأطباء و الملوك و الأمراء، و قد تكون المدارس هي أكثر الأماكن تهديدا بهذه الظاهرة، و المعلمون هم أول المتهمين.

الظاهرة طبعا أكبر من أن يكون ردعها متعلقا بتشديد العقوبات فقط، فهي تحتاج إلى جهود كثيرة ومتواصلة في مجالات و مؤسسات مختلفة، لتوفير العلاج القانوني و الاجتماعي و النفسي و التربوي لهذا المرض. و لكن أول خطوة هي تشديد العقوبة، لأنه من المستحيل العمل على التقليص من مشكل كهذا في ظل التساهل مع مرتكبيه فيما يشبه تواطئا غير مباشر.

0 تعليقــات:

إرسال تعليق

free counters

عن المدونة

مقالات الكاتب و الناشط في مجال الأعمال الخيرية و الإنسانية جمال الدين بوزيان