الملك العريان

الصحافة العربية مستمرة في تملقها، و مدحها الكاذب، كان نفاقا موجها لمصر في الغالب، و الآن أصبح مركزا خاصة حول كل ما هو سعودي، من سياسة و اقتصاد و فن و رياضة، حيث أصبحت السعودية بفضل الصحافة العربية هي الرائدة في كل الميادين، هي الراعي الأول للقضايا العربية المصيرية و الحساسة و المسير لها، و هي صاحبة الفضل في النعم التي تتمتع بها بعض الدول العربية، و هي عمود الاقتصاد العربي، و هي المنطقة التي تصدر باستمرار نجوم كرة القدم، حتى كدنا ننسى أن البرازيل هي منبع مواهب الكرة و المصدر الأول لها، أضحت السعودية بسبب تملق الصحفيين هي بلد المواهب الفنية الغنائية، و شبابها المشاركون في مسابقات تلفزيون الواقع هم الفائزون حتما، فالمسابقة أصلا تنظم بأموال بلدهم.

و غير بعيد عن الجميع ذلك الإعلامي الرياضي الشهير الذي كان يحسبه الجميع سعوديا بينما هو غير ذلك، حسبناه كذلك من فرط ما مدح المنتخب السعودي و نسي أن بلده أيضا لديها منتخب كروي.ما حدث لمصر من قبل عندما كانت هي هوليود الشرق، و ما يحدث مع السعودية الآن، يذكرني بقصة للأطفال تحكي عن ملك مغرور استغفله خدمه و ألبسوه من غير هدوم على رأي عادل إمام، و أوهموه أن لباسه نادر و رائع جدا لكنه غير مرئي له و يراه الناس، فخرج إلى شعبه الذي تجمهر لرؤيته عاريا كما ولدته أمه، و لم يجرأ أحد من الجمهور المحتشد على قول الحقيقة و لفت انتباه الملك لما فعل بنفسه، إلا طفلا واحد من بين الرعية صاح عاليا و قال الحقيقة التي منع الخوف و التملق رعيته من قولها.

الصحافة العربية التي تقتات في معظمها من تمويل شركات خليجية و سعودية، وجدت نفسها مرغمة على مسايرة مصدر تمويلها، و الدخول في لعبة التملق و المديح كما كان الشعراء قديما يفعلون مع الملوك، فأصبحنا نقرأ و نسمع و نرى عن إنجازات ضخمة و قرارات عظيمة و مواقف نبيلة، يتخيل لنا من خلالها أن الوطن العربي كله بخير ما دامت توجد بيننا دول بكل هذه العظمة.لا أقصد الانتقاص من أي دولة، و ليست لدي أي ميولات عنصرية اتجاه أي شعب أو فرد عربي، لكني أرى التملق الذي فتحنا أعيننا عليه في الصحافة، مستمرا و أصبح تملقا فضائيا بعدما كان مكتوبا بالدرجة الأولى.

لماذا لا يكون إعلامنا الفضائي موضوعيا، يتحدث عن الانجاز الجميل بدون مبالغة و تعظيم، و لا يتجنب الحديث عن السلبيات، لكن أيضا بدون أن يقوم بتهويلها، لأنه توجد منابر إعلامية تقول عن نفسها موضوعية و قريبة من الناس، بينما هي في الحقيقة قريبة من السلبيات و تكون حيثما تكون النقائص، و تبتعد عن كل شيء جميل.

0 تعليقــات:

إرسال تعليق

free counters

عن المدونة

مقالات الكاتب و الناشط في مجال الأعمال الخيرية و الإنسانية جمال الدين بوزيان