الخجل الإعلامي لأستاذ السوسيولوجيا الجزائري

المتابع للأحداث و الأخبار التي تنشر بصفحات الجرائد الجزائرية، يلاحظ تكرار اسم الأستاذ و الباحث في علم الاجتماع “ناصر جابي” المصنف ضمن قائمة الخمسين شخصية المؤثرة بالجزائر و التي تصنع الحدث، فقد أصبح حاضرا دائما بتحليلاته و آرائه التي تضفي على المواضيع المطروحة دائما بعدا و فهما سوسيولوجيا جميلا و مفيدا، و هو أمر مطلوب جدا، بل واجب في صحافة الألفية الثالثة التي يجب أن يكون فيها للعلم عامة و علم الاجتماع خاصة مكانة معتبرة و كلمة مسموعة.

ظاهرة لجوء الصحفيين في مقالاتهم و تحقيقاتهم إلى تدعيمها بآراء المختصين في علم الاجتماع، ظاهرة صحية، و كذلك ظاهرة فسح المجال بصفحات الجرائد الجزائرية لنشر مقالات باحث في علم الاجتماع مثل “ناصر جابي” ظاهرة أكثر من صحية، مع أنها وصلت متأخرة كثيرا في الجزائر.

لكن الأسئلة التي تطرح، هي هل تأخرها نتيجة غلق أبواب الصحافة في وجه أستاذ السوسيولوجيا؟ أم أن هذا الأخير هو البعيد عن الصحافة و المحصور بين جدران الجامعة و الدراسات و المنشورات الأكاديمية التي يقرأها طلبته و زملاءه من أهل الاختصاص؟

لماذا “ناصر جابي” هو أستاذ علم الاجتماع الوحيد الحاضر بقوة في الإعلام الجزائري المكتوب؟ هل لأساتذة علم الاجتماع بالجزائر خجل إعلامي؟ أم أنهم لا يملكون تطلعات إعلامية؟ أم يرون الصحافة لا تزيد لهم شيئا؟ هل للأمر علاقة بعدم الرغبة في الشهرة؟ أليست الصحافة وسيلة لأساتذة علم الاجتماع لتحقيق ذاتهم و للنجاح الأدبي و لتوصيل أفكارهم إلى أكبر و أكثر شرائح المجتمع؟

هل للأمر علاقة بالمادة؟ أليس الواجب على رجال السوسيولوجيا تبسيط أفكارهم و وضعها في مقالات مفهومة و توصيلها لعامة الناس من قراء الجرائد؟

لماذا يحرمون تلك الفئة العريضة من الجمهور من الإطلاع على أفكارهم و الاستفادة منها.

إن الحضور الإعلامي لأستاذ علم الاجتماع اليوم مطلوب أكثر من أي وقت ماض، سواء في الصحف و المجلات، أو بالإذاعة و التلفزيون و الفضائيات.

علم الاجتماع اليوم، لم يعد ذلك التخصص الجامعي الذي يهرب من دراسته الطلبة، و لا يرغم على دراسته إلا الطالب صاحب المعدل الضعيف، لقد تعززت مكانته في المجتمع، و آن الأوان لكي تعطى الأولوية نظرياته و آرائه، و الفرصة لعلمائه و أساتذته للمشاركة في التغيير و التأثير على أفراد هذا المجتمع الذي يحتاج لمن يفهمه و يفهم أفراده.