‏إظهار الرسائل ذات التسميات تلفزيون، برامج، دراما، مسلسلات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات تلفزيون، برامج، دراما، مسلسلات. إظهار كافة الرسائل

الراقصة المحترمة

تابعت منذ أيام برنامجا حواريا من النوع الذي أحبه و يقال له "التوك شو"، حضر فيه مزيج جميل من شخصيات مختلفة من مجالات متشابهة و غير متشابهة، فكان الممثل بجانب الإعلامي، و الراقصة بجانب السياسي، و الاقتصادي بجانب الرسام….كان من بين ضيوف البرنامج عازف كمان و راقصة مشهورة.
قدم العازف فنه الذي حضر بسببه و عزف عزفا جميلا حرك به المشاهدين و كل من معه بالبلاتو.أما الراقصة فلم تقدم شيئا من فنها الذي هو سبب شهرتها، و هو سبب دعوتها لذلك البرنامج، بل اكتفت فقط بالحديث بينما تعرض من حين لآخر فقرات قصيرة مسجلة من رقصاتها المشهورة.
لماذا عزف الموسيقي في الأستوديو و أحضر معه كمانه، بينما لم تحضر الراقصة بذلة الرقص معها، لماذا قدم فنه و امتنعت هي عن تقديم فنها؟أليس الرقص الشرقي فنا محترما و من المفروض ألا تخجل الراقصة من تعرية نفسها في الأستوديو و الرقص أمام الكاميرا؟
أم أن الرقص الشرقي محترم فقط لما يكون في الملاهي الليلية؟أليس من المفروض حذف كلمة محترم و عدم استخدامها أبدا لما يكون الحديث عن الرقص أو عن الإغراء.إضافة كلمة محترمة للراقصة فيه ظلم كبير لها، و هو ذم و استهزاء و ليس مدحا، الراقصة هي راقصة و فقط، لا توجد واحدة محترمة و أخرى قليلة الأدب.هناك راقصة محترفة متقنة لعملها و راقصة دخيلة لا تجيد عملها، و الأولى و الثانية تقدمان الإغراء، لكن الأولى تجيد تقديمه.يمكن أن نقول ممثلة أدوارها محترمة، إذا كنا نقصد بذلك الممثلة التي لا تقدم أدوار الإغراء، لكن هل توجد راقصة شرقية لا تقدم الإغراء؟
حتى لو لبست الجلباب و رقصت به، حركات الرقص الشرقي تبقيه دائما مصنفا في خانة الإغراء مهما تغير اللباس، لأنها حركات تركز بالأساس على مناطق الجسم الحساسة، و هي المناطق الرئيسية في العملية الجنسية.هناك رقصات لشعوب و مجتمعات أخرى لا تكون حركاتها تتمحور حول تلك المناطق من الجسم، و تكون خالية من التلوي، ربما هي أقرب إلى الحركات العسكرية. و المنتقدون لهذه الرقصات يقولون لك بأنها خالية من الفن، و كأن الفن يكون حاضرا فقط لما يتحرك القبل و الدبر.

الصراخ بالنيابة

لأن الصمت العربي رهيب، تركيا تصرخ عوضا عن العرب، و تنتج مسلسل صرخة حجر عن القضية الفلسطينية و عن الوضع في الأراضي المحتلة.
لأن الوسط الفني العربي مشغول بالترويج لهيفاء و لستار أكاديمي، و بالتهليل لقدوم مسلسلات عجائز الدراما الرمضانية، صنعت تركيا مسلسلا نيابة عنا و أبرزت فيه فضائع و جرائم الاحتلال الصهيوني ضد شعب و أطفال فلسطين.
قضية فلسطين قضية عالمية، قضية تهم كل باحث و مدافع عن حرية الشعوب و حقها في تقرير مصائرها، هي قضية كل مسلم، و بديهي إذن أن تقوم تركيا بالعمل من أجل نصرة القضية الفلسطينية.
لكن أليس العرب أو ما يقال له الوطن العربي أقرب إلى القضية الفلسطينية من أي بلد آخر، مسلم أو غير مسلم؟
هل تكفي الأعمال الفنية التي أنتجها العرب من أجل فلسطين؟
نحتاج للمزيد من الأعمال التي تشبه "التغريبة الفلسطينية" لنقول لأنفسنا و للعالم ماذا حدث بالضبط في فلسطين، و ما هي النكبة الحقيقية بالرواية الأصلية، الرواية التي تحكى بدماء أصحاب الأرض الأصليين.
نحتاج إلى أعمال على شاكلة "الاجتياح" لكي تسلط الضوء على الفلسطيني الإنسان، الذي يناضل و يجاهد، و في نفس الوقت يحب و يعشق، يدرس و يحلم بالتخرج، يسافر و يتغرب و يتمنى غدا أفضل.
نحتاج لأن تعج المواسم الرمضانية الدرامية بمسلسلات مثل: عائد إلى حيفا، الدرب الطويل، رجال الحسم……
و بالتعريج على الوسط الغنائي العربي، و بغض النظر عن الأغاني التي تنتج بطريقة ارتجالية و مناسباتية بفضل الهجوم الإسرائيلي المتكرر من حين لآخر على غزة و الضفة، هل فعلا يمكن أن نعثر على وجود للقضية الفلسطينية في الأغنية العربية؟
قد نعثر على مطربين قلائل اتخذوا منها نهجا يسيرون عليه و مبدءا لا جدال فيه لمواضيع أغانيهم، أو على الأقل اتخذوها قضية لا تغيب عن بالهم و يعودون إليها خلال إنتاجاتهم المتواصلة و المتنوعة بين العاطفي و الوطني…
يمكن أن نذكر: فيروز، مارسيل خليفة، أميمة الخليل، جوليا بطرس، ريم بنا، لطفي بوشناق….
الأوطان لا تحرر بالفن، و إنما بالسلاح، و لكن الفن و الإعلام اليوم هو الداعم الأكبر للمجاهد و المناضل، و لكننا للأسف، عرفنا كيف نسوق و نروج للسلفية الجهادية و أقنعنا العالم بأننا إرهابيون، و لم نتمكن منذ سنة 1948 من إقناعهم بعدالة القضية الفلسطينية. نتحمل جزءا من هذا الفشل، و يتحمله معنا الأعداء أيضا.

فيلم يوم الأحد

خلال سنوات التسعينات الأولى، كاد يكون يوم الأحد مقدسا لدى عشاق الأفلام الجنسية، خاصة السهرة الممتعة التي كان يوفرها يوم الأحد، بفضل قناة آم6 الفرنسية (M6).
كان الحدث الهام كل أسبوع، وحديث صباح يوم الاثنين، هو فيلم سهرة الأحد، كيف كان؟ ما مدى العري الذي فيه؟ وهل كان فعلا يستحق المنع فقط على المشاهدين الأقل من 16 سنة، أم يستحق المنع على الأقل من 18 سنة أيضا؟
أحاديث كثيرة كان يتحدثها الصغار والكبار صبيحة يوم الاثنين عن فيلم القناة الفرنسية السادسة، حوارات رجالية عن نوعية نساء ذلك الفيلم، عن نوعية الأجساد والأعضاء، وكل التفاصيل، بعضهم يقول أنه كان فيلما سيئا، فهو فرنسي محلي، البعض الآخر يتمنى لو كان فيلما إيطاليا، فحسب الرأي السائد، الإيطاليون هم أسياد الأفلام الجنسية في العالم، بينما قد تجد البعض يقول لك لا استغناء عن الإباحية الأمريكية التي تقدم في قالب متقن ومحترف.
كان فيلم الأحد عزيزا جدا على الكثيرين في وقت كان وجود مثل تلك الأفلام شحيحا مقارنة بما هو عليه الوضع الآن.
اليوم أصبح الجنس في كل مكان وبوسائل مختلفة، وقليلة هي الأماكن التي لا يمكن الحصول فيها على صورة جنسية أو لقطة أو فيلم جنسي.
مع وجود الفضائيات الكثيرة ومواقع النت هائلة العدد، لا وجود للكبت الجنسي في هذا الزمن، أو ربما كل واحد يعبر بطريقته عن كبته الجنسي.
عند مقارنة فيلم يوم الأحد بما تبثه القنوات الإباحية اليوم، يبدو فيلم القناة السادسة مضحكا ومثيرا للأعصاب أكثر منه للشهوات، لكنه في زمن مضى كان فيلما عزيزا.
و بتطبيق نفس المقارنة، يبدو فيلم التسعينات وكأن يد الرقابة امتدت إليه، فمناطق معينة في جسم الممثلين والممثلات ممنوع عليه الوصول إليها، مناطق أصبحت مستباحة جدا والوصول إليها بنقرات قليلة على مفاتيح الحاسوب يصل إليها حتى الأطفال.
تطور الوضع اليوم، والأحد صار أياما متتالية من الإباحية لا تنتهي، وأصبح بإمكان المكبوتين والفضوليين العثور بسهولة على أفلام خلاعة عربية مئة بالمئة. لكن لماذا نظلم المكبوتين والفضوليين؟ ليسوا الوحيدين المتابعين لتلك الأفلام.

ستار أكاديمي للإعلاميين و المذيعين

الوسط الإعلامي و التلفزيوني الفضائي أصبح يحوي من الإبهار و المتعة البصرية ما يجعل له نجوما تتألق في سماءه كما نجوم الفن أو تكاد تكون مثلهم.
شهرة الإعلامي العربي أصبحت تميل كثيرا إلى النجومية التي يتمتع بها الإعلامي الغربي، الأوروبي أو الأمريكي خاصة.
فظهور الفضائيات العربية الكثيرة و المنافسة الكبيرة بين القنوات عالية المستوى، أبرز اهتماما متعدد الأطراف بالإعلامي أو المذيع، اهتمام الإعلامي بنفسه، اهتمام القناة به لتنافس نظيراتها بواسطته، و اهتمام الجمهور به.
نرى أعدادا كثيرة من مذيعين و مذيعات، مستويات مختلفة، أشكال متنوعة، و شخصيات متعددة و متباينة فيما بينها، هذا وسيم، تلك فاتنة، و الأخرى متحررة في لباسها، و زميلتها ذات الصوت الملائكي، و ذلك فصيح اللسان، و زميله لديه طريقة جلوس معينة، و زميل آخر كثير الضحك خلال التقديم…
أصبح لهؤلاء معجبين و مواقع على الانترنيت خاصة بهم، صورهم الجديدة تتداول بين المعجبين تماما كما يحدث مع صور نجوم التمثيل و الغناء.
بعض الإعلاميين و المذيعين، فهم اللعبة جيدا في وقت مبكر، و أتقن فن التواصل مع الجمهور و مع الصحافة، فأضحى نجما حقيقيا تحيط به هالة الشهرة، مع أن النظرة إلى الإعلامي أو المذيع التلفزيوني كنجم، قد تجعل البعض منهم يعيش و كأنه في بروج مشيدة، يأبى التنازل و قول كلمة شكرا لمن يستحقها.
أتساءل أحيانا بيني و بين نفسي، ما الذي يمنع الفضائيات التلفزيونية العربية من إنجاز برنامج من نوع تلفزيون الواقع، يكون موضوعه تكوين و تخريج إعلاميين و مذيعين، حتما سيكون برنامجا لافتا و ناجحا إذا تبنته قناة بارزة تتمتع بنسب مشاهدة عالية.
سيسمح ذلك للمشاهدين بمتابعة ولادة الإعلامي النجم منذ بدايته، و رؤيته على طبيعته، هو يأكل، و هو يضحك، و هو نائم، و خلال غضبه و شجاره مع زملاءه بالأكاديمية، و قد تسمح لهم الصدفة أو التخطيط المسبق لمتابعة قصص حب تنشأ بين طلاب أكاديمية الإعلاميين هذه، على شاكلة قصص الحب المقرفة التي نشاهدها تنشأ بين طلاب ستار أكاديمي.
ما دام الوسط الإعلامي يتمتع بالهالة الكافية لجعله مصدر رزق بهذه الطريقة و المتاجرة بالشباب الطامحين لتحقيق حلم النجومية في سماء الإعلام و الفضائيات، ما الذي يمنع إذن القنوات العربية من فعل ذلك، و هي التي أثبت في الغالب أنها يمكن أن تعرض أي شيء قابل لرفع نسب المشاهدة و ملئ الجيوب و الحسابات البنكية.

كلام غير مقنع

كنت أنتظر من مسلسل "كلام نسوان" اقترابا أكثر من واقع المرأة العربية الحقيقي، و من المجتمع المصري الحقيقي، بما فيه المخملي أو الهامشي، و لكني وجدت نفسي أمام نسخة مشوهة من المسلسل الأمريكي الشهير Desperate Housewives، و اقتباسا لبعض حكاياته و مشاكله، و لبعض بطلاته أيضا.

الشيء المقنع الوحيد في مسلسل كلام نسوان هو بطلته الأولى "لوسي"، الموهوبة جدا من بين كل راقصات مصر اللواتي اقتحمن عالم التمثيل، و التي أثبتت نفسها في الدراما التلفزيونية كما في السينما، لوسي كانت الوحيدة التي يمكن متابعة كلامها من بين زميلاتها الثلاث الأخريات المتحدثات كثيرا في كلام نسوان، رغم أن لباسهن و أناقتهن كانت حاضرة بقوة على حساب تمثيلهن.

الخطأ الأكبر للمسلسل هو مغنية الفوركاتس مي دياب، التي لا علاقة لها بالتمثيل، فقد كانت مجرد عارضة أزياء تتجول طيلة أحداث المسلسل لترينا جسمها الجميل، مع أن لوسي أيضا تمايلت بجسمها كثيرا خلال المسلسل لتثبت لنا محافظتها على قوامها رشيقا رغم سنوات عمرها الكثيرة.

نادين الراسي أيضا كان بالإمكان استبدالها بأخرى تجمع بين الجمال و الموهبة، و نفس الأمر بالنسبة لفريال يوسف، و إن كانت هذه الأخيرة قد تنفع معها التوجيهات و دروس التمثيل، لأنها أحيانا تبدو مقنعة.

مسلسل كلام نسوان لم ينقصنه شيء سوى الاختيار الأنسب لبطلاته، و كان عندها يمكن أن يكون مميزا و لو بمشاكله الوهمية البعيدة عن واقع المجتمع المصري.

الطبقة الغنية في أي مجتمع كما في المجتمع المصري هي أمر حقيقي موجود، لها مشاكلها التي تشبه مشاكل الطبقة البسيطة أحيانا و تختلف عنها أحيانا أخرى، لكن تبسيط بعض المشاكل في الدراما و تضخيم مشاكل أخرى، يجعل الأمر و كأننا نشاهد أفرادا يعيشون في المريخ و ليس على كوكب الأرض، و هذا هو الخطأ التي وقعت و تقع فيه الدراما المصرية في الكثير من أعمالها، رغم ما يصحبها من بهرجة و تهويل إعلامي و دعاية و صحافة فنية مجندة، لأن الوسط الفني المصري و نجومه لديهم من التألق و جذب الأضواء ما لا يتوفر لدى الوسط الفني السوري أو الأردني أو الخليجي.

لكن و مع ذلك، الدراما السورية مثلا هي أقرب إلى الواقع و إلى معالجة القضايا بمنطقية و بعين الحقيقة، و كأن القائمين على الدراما المصرية يفترضون دائما أن الجمهور ساذج و بسيط و يقبل منهم ما كان يقبله في السبعينيات و الثمانينيات من القرن الماضي.

كنت أتمنى لو كان كلام نسوان مسلسلا عن ربات البيوت العربيات، الغنيات و الفقيرات، المتعلمات و الأميات، كنت أتمنى لو كان عن حياتهن و معاناتهن، رغباتهن و أحلامهن، لكن يبدو أني بأمنيتي هذه أحمل أصحاب هذا العمل الدرامي أكبر مما يمكن أن تصل إليه أنظارهم.

حزب الله يدخل من باب الحارة

البروز القوي لفكرة المقاومة في قصة مسلسل باب الحارة في جزئيه الثالث و الرابع، فتحت المجال واسعا لكي تصبح قصة المسلسل مقبولة بل و مطلوبة جدا لدى قناة المنار الممثل الإعلامي لحزب الله.

و يبدو أن أي عمل فني يحوي ما له علاقة من بعيد أو من قريب بفكرة مقاومة المستعمر، يلقى قبولا و ترحيبا كبيرا لدى القائمين على هذه القناة، و هذا ليس عيبا أبدا أن تتبع القناة ما يتماشى مع خطها الافتتاحي الذي أنشئت من أجله.

لكن، ما يجعلني محتارا قليلا، هو أن الغرض الأول من مسلسل باب الحارة هو الربح و التسلية الرمضانية المحترمة، و هذا أقصى ما قد تصل له قناة أم بي سي و مجموعتها الإعلامية الضخمة و الرائدة في مجالات كثيرة.

فمن غير المعقول أن يكون غرض القائمين على إنتاج المسلسل بالأم بي سي هو إحداث تلك المقاربة بين وضع المقاومة في يومنا هذا و بين وضعها في السابق، و إن كان كذلك، عن أي مقاومة يجب أن تكون المقاربة، مقاومة حزب الله بلبنان، أم مقاومة حركة حماس بفلسطين، و المعروف أن قنوات أم بي سي هي أبعد ما يكون عن الخط الذي تسير عليه تلك الحركات بكل إيجابياتها و سلبياتها، بل أن قناة العربية الإخبارية يتهمها البعض بمعاداة حزب الله و حركة حماس.

قناة المنار احتضنت باب الحارة و استقبلت في إحدى برامجها الخاصة بالعيد بعض أبطال الجزء الرابع إضافة إلى كاتب هذا الجزء "كمال مرة" و مدير مجمع القرية الشامية المحامي "نعيم الجراح"، و كان الحديث الرئيسي للحوار هو عن فكرة المقاومة في المسلسل.

لا أدري هل يتحول مسلسل باب الحارة من عمل درامي رمضاني يدر الملايين على قناة أم بي سي السعودية إلى سلاح إعلامي و لو بسيط في يد قناة المنار و حزب الله.

و هل بسبب هذا الانحراف الذي قد يحدث في هدف و دور المسلسل جراء احتضان المنار له، قد نشهد تغيرات جوهرية في أحداث الجزء الخامس من المسلسل؟ ربما السؤال يبدو سابقا لأوانه، لكن التحضير للأعمال الرمضانية المقبلة يبدأ عند البعض من الآن، بعد العيد مباشرة.

المحجبة في الأعمال الفنية، بين التقديس و التشويه

في السابق، لم نكن نرى المحجبة في الأعمال الفنية العربية، سواء في الأفلام أو المسلسلات، و كان غطاء الرأس يظهر فقط في حالة ما إذا كان الدور لشخصية من الريف أو دورا لأم كبيرة في السن، أو خلال مشاهد الجنائز.

اليوم، ظهرت شخصية المحجبة في تلك الأعمال و لكن في شكل القديسة أحيانا، و أحيانا في دور المرأة الفاقدة لتوازنها و سعادتها، و كأن ظروفها السيئة لها علاقة بحجابها.

عودة الفنانات المعتزلات و المحجبات إلى التمثيل، خلق نوعا من أدوار البطولة تكتب لهن خصيصا، لتظهرهن في شخصية المرأة الملتزمة التي تنشر الخير فقط و تساعد الناس، و كأن تلك الأخلاق لا تكون إلا إذا كان الرأس مغطى، و كأن الفنانة المحجبة فعليا و الملتزمة في حياتها الواقعية، حرام عليها تمثيل دور المرأة الشريرة في أعمالها الفنية؟ !!

هي ليست مضطرة لتقديم دور الراقصة أو المومس، فالدعارة ليست هي الشر الوحيد الموجود في الحياة، يمكن أن تقوم بدور الحماة الماكرة، أو سيدة الأعمال المختلسة، أو الموظفة المرتشية، و يمكن أن تقوم بدور الأم العازبة في إطار محترم جدا.

لكن ما نراه في أعمال سهير رمزي، و سهير البابلي، و منى عبد الغني، و صابرين…. و أخريات، هو تقديمهن لأدوار الوعظ الأخلاقي، ألم يكن الأجدر بهن تقديم برامج وعظ مباشرة على قنوات الدين التي تكاثرت مثلما تكاثرت أيضا قنوات الغناء الهابط، الأولى تسطح الدين، و الثانية تجعل الفن شيئا تافها جدا تنطبق عليه فعلا صفة الحرام.

أعمال فنية أخرى، و من منطلق رفض الحجاب رفضا مطلقا من طرف كاتب العمل أو مخرجه، تقدم المرأة المحجبة في شخصية مهزوزة و معقدة أو متطرفة، غير راضية على نفسها و على حياتها العائلية، أحيانا قد يكون سبب ارتداءها الحجاب في هذه الأعمال هو الظروف القاسية التي مرت بها، و ليست الأعمال المصرية فقط من تقدم هذه الصورة، بل الدراما السورية أيضا في بعض أعمالها.
ربما عبلة كامل هي الممثلة المحجبة الوحيدة التي لا تقدم أدوارا مثالية وعظية، و تمثل كل الشخصيات.

و ما المانع من أن تقوم ممثلة غير محجبة في الواقع بتقديم دور بطولة لشخصية محجبة، ليست متطرفة، و ليس قديسة، متحجبة ككل نساء و بنات المجتمعات العربية، أغلبهن محجبات، بعضهن متخلقات، بعضهن شريرات، فاسقات، نمامات، ناجحات، فاشلات، خجولات، جريئات، هذه هي الحياة، و هذه هي نماذجها، لماذا الإصرار على تقديم نماذج طفولية للشخصيات تصلح أكثر للرسوم المتحركة، حيث نتعامل مع المشاهد الناضج كما مع الطفل المتلقي بمنطلق الأبيض و الأسود.

الحجاب في وقتنا هذا، أصبح لباسا لخروج المرأة و فقط، أكثر منه لباسا دينيا أو لباسا ذو خلفية إيديولوجية أو سياسية، ربما في سنوات ظهور موجة الإخوان و وصولها في الثمانينات من القرن الماضي، كان الحجاب للمرأة الإخوانية فقط، أما اليوم، فهو رداء لخروج المرأة و تنقلها، أصبح عادة و ليس عبادة. فمتى يفهم أصحاب القرار في عالم الفن العربي هذا الواقع؟

لا نحتاج إلى عريكم.. أين أصواتكم؟

الانقلاب الذي أحدثته الموجة الجديدة من المغنيات والمؤديات بقيادة هيفاء وهبي ونانسي عجرم، جعلت الجو الفني كله معجرما كما يقول "محمد هنيدي"، وأكسبت الوسط الفني هيافة لا تناسب الكثيرات، من الأحسن لو تركوها لصاحبتها هيفاء وهبي، التي أثبتت أنها تتمتع بنسبة ذكاء لا بأس بها مكنتها من تصدر قائمة الشهيرات والجميلات ومن تحسين صورتها تدريجيا منذ ظهرت إلى يومنا هذا، ولعل الذكاء الأكبر يتمتع به صانعوها والساهرين على استمرار نجاحها.

ظاهرة هيفاء وهبي ليست بغريبة ولا جديدة بالوسط الفني العربي أو باقي الأوساط الفنية بكل دول العالم، فـكل وسط له كما يقال "اللوليتا" أو "الساكس سامبول"، وهيفاء هي الأنسب لهذا اللقب، والكل متفقون على هذا، سواء محبيها أو معارضيها ممن ينعتونها بأبشع الصفات. لومي الكبير موجه إلى مطربات كبيرات في الصوت والإمكانيات والموهبة، وأحيانا كبيرات في العمر أحيانا، لكنهن ركبن موجة الهيافة وظهرن في أبشع صورهن، فالأصل دائما جميل والتقليد قبيح. بتقليدهن لهيفاء ونانسي وضعن أنفسهن في مواقف "بايخة" على رأي عادل إمام.

لا نحتاج إلى رؤية جسد أصالة ومعرفة تفاصيله، وليس لدينا رغبة في رؤية ديانا حداد تتمايل بلباس لم تكن تلبسه في بدايتها الفنية لما كانت صغيرة، كما أننا لا نملك الفضول للإطلاع على الجزء المخفي من القوام الجميل لرويدا عطية، وزميلتها ومنافستها ديانا كرزون، المطلوب منها هو مواصلة حالة الطرب التي عشناها معها خلال عرض برنامج "سوبر ستار" قبل سنوات، بينما هي تتفنن في تغيير اللوك وتعلم كيفية التمايل وتحريك المؤخرة على طريقة هيفا ورولا سعد.

إن شخصية الفنانة "النغنوشة" لا تناسب كل من تتواجد بالوسط الفني، ولا يكفي أن تحمل الفتاة صفة أنثى لكي يمكن لها التصرف على طريقة اللوليتا، هناك صفات معينة جسدية ونفسية يجب أن تتوفر لكي تستطيع الفتاة الظهور بتلك الشخصية.

ولكن، ما ترفض رؤيته فنانات العرب، هو هذا، الواقع والحقيقة، حقيقة أن الجمهور لما يريد التمتع بجسد إحداهن من العربيات، سوف يبحث عن هيفا بالريموت كنترول حتى يعثر عليها، ولما يبحث عن الطرب فسيجده عند أصالة وفلة وديانا.

أحيانا أظن أن حتى هيفا لا يحتاجها العرب كثيرا، وسط كل هذا الزخم الهائل من قنوات المتعة الماجنة.

أشكالكم متعددة يا جند حزب التكفير

مذيع قناة العربية يتعرى ويدعو لدين جديد عبر صفحته في فيسبوك، بهذه العبارة الساذجة و العدائية اختار صحفي مغمور اسمه "محمد دياب" أن يكافئ صديقنا الإعلامي الفلسطيني المعروف بقناة العربية "محمد أبوعبيد" و مقدم أحد أبرز برامجها "صباح العربية".
كل ما في الأمر أن محمد أبوعبيد كتب أبياتا من الشعر و هو المعروف عنه ولعه الشديد بالشعر و عشقه للغة العربية، و هو الملقب بـ "نصير الاثنتين"، اللغة و المرأة.

أبيات الشعر هذه تقول: "أنا القاضي بأمر الحب يابشر, وأدعوكم إلى التوحيد بالمحبوب, هذا دين من يهوى إذا ما حاد عنه الناس قد كفروا".

و قد نشر أبوعبيد هذه الأبيات على صفحته بموقع فايس بوك، حيث أنا و المسمى "محمد دياب" و 1726 آخرون موجودون ضمن قائمة أصدقاء الإعلامي محمد أبوعبيد على الفايس بوك، يمكن لنا جميعا رؤية كل ما يكتبه على صفحته، بما فيها هذه الأبيات سبب التكفير و التشهير الذي تعرض لهما أبوعبيد.

مباشرة بعد كتابته لهذه الأبيات، تلقى أبوعبيد ردا على صفحته من محمد دياب يطالبه فيها بحذف الأبيات و التوبة و العدول عن قرار نشرها، و بالمقابل رد عليه أبوعبيد بكل احترام كما عهدنا منه دائما، و قدم له وجهة نظره و حجته في عدم وجود كفر ضمن تلك الأبيات.

إلى هنا، القضية عادية جدا، و لم يظن أحد منا أننا بعد يوم واحد سوف نجد الموضوع منشورا بمواقع النت و منتدياته، تحت ذلك العنوان الظالم الذي بدأت به مقالي.

و المؤسف أن الموضوع لما نشر أضافوا له بعض التوابل من الكره و الحقد و العدائية، حيث اتهموا أبوعبيد بعدائه الدائم للسعودية، مع أني و بحكم صداقتي معه، كنت أراه دائما ميالا لهذا البلد، و هو صاحب المقال المعنون بـ "سعودية و نعم الفتاة"، و الذي لقي في وقته ضجة معتبرة و تلقى عدد تعليقات كبير على موقع العربية نت.

للأسف، جند حزب التكفير العشوائي و المجاني للناس لديهم أشكال كثيرة، قد يكون صديقا لك على الفايس بوك، أو زميلا لك في العمل، و ربما قد يكون أخا لك يسكن نفس المنزل و يحمل نفس اللقب، لما لا ما دام مرض تقمص شخصية الواعظ و رجل الدين قد أصاب الكثيرين، و خلق لديهم وقاحة كبيرة تمكنهم من اتهام الناس و نشر صورهم العادية و اتهامهم بالعري و إدعاء النبوة و ابتكار دين جديد.

الصورة المرافقة للموضوع العدائي هذا، تبرز الإعلامي محمد أبوعبيد و هو عاري الصدر، و هي صورة عادية منشورة بصفحته على الفايس بوك و بإمكان أي شخص أن يراها و يستنسخها، و إذا تعاملنا بمنطق الحلال و الحرام الذي يتبناه محمد دياب، فسوف نكون عندها أمام صورة شرعية و عادية جدا في منظور الدين الإسلامي، متى كان الصدر عورة يخبأها الرجل؟ مع العلم أنه يوجد بالفايس بوك إعلاميون و ناس عاديون نشروا صورهم خلال قيامهم بفريضة الحج، و كلكم تعرفون كيف هو لباس الإحرام بالحج لدى الرجال؟

كما أن الذي كتب الموضوع التكفيري قال بأن أبوعبيد فاجأ متصفحي الفايس بوك بنشر صورته عاريا، و في الواقع أن أبوعبيد قد دأب منذ تسجيله بالفايس بوك على نشر صوره العادية و في مختلف الأماكن، بالعمل، بالكافيريتا، بالسيارة، و هذه ليس المرة الأولى التي ينشر صورة له تبرزه و هو عاري الصدر، أي أن الأمر عادي جدا، و الذي كتب التهجم هو الذي لفق التهم و تلاعب بالمعلومات.

ما نشر عن الإعلامي محمد أبوعبيد هو حلقة تافهة أخرى من حلقات مسلسل حزب التكفير الذي لا تنتهي حلقاته أبدا.

و يكفي أن نقول أن سبب نشر محمد دياب لكل هذا هو عدم تقبله للحجج و المبررات التي قدمها له أبوعبيد، فما كان جزاءه إلا التكفير و التشهير، و كأن هذا الصحفي المغمور هو ظل الله في الأرض، و هو حامي الإسلام و مطبق الشريعة.

الملك العريان

الصحافة العربية مستمرة في تملقها، و مدحها الكاذب، كان نفاقا موجها لمصر في الغالب، و الآن أصبح مركزا خاصة حول كل ما هو سعودي، من سياسة و اقتصاد و فن و رياضة، حيث أصبحت السعودية بفضل الصحافة العربية هي الرائدة في كل الميادين، هي الراعي الأول للقضايا العربية المصيرية و الحساسة و المسير لها، و هي صاحبة الفضل في النعم التي تتمتع بها بعض الدول العربية، و هي عمود الاقتصاد العربي، و هي المنطقة التي تصدر باستمرار نجوم كرة القدم، حتى كدنا ننسى أن البرازيل هي منبع مواهب الكرة و المصدر الأول لها، أضحت السعودية بسبب تملق الصحفيين هي بلد المواهب الفنية الغنائية، و شبابها المشاركون في مسابقات تلفزيون الواقع هم الفائزون حتما، فالمسابقة أصلا تنظم بأموال بلدهم.

و غير بعيد عن الجميع ذلك الإعلامي الرياضي الشهير الذي كان يحسبه الجميع سعوديا بينما هو غير ذلك، حسبناه كذلك من فرط ما مدح المنتخب السعودي و نسي أن بلده أيضا لديها منتخب كروي.ما حدث لمصر من قبل عندما كانت هي هوليود الشرق، و ما يحدث مع السعودية الآن، يذكرني بقصة للأطفال تحكي عن ملك مغرور استغفله خدمه و ألبسوه من غير هدوم على رأي عادل إمام، و أوهموه أن لباسه نادر و رائع جدا لكنه غير مرئي له و يراه الناس، فخرج إلى شعبه الذي تجمهر لرؤيته عاريا كما ولدته أمه، و لم يجرأ أحد من الجمهور المحتشد على قول الحقيقة و لفت انتباه الملك لما فعل بنفسه، إلا طفلا واحد من بين الرعية صاح عاليا و قال الحقيقة التي منع الخوف و التملق رعيته من قولها.

الصحافة العربية التي تقتات في معظمها من تمويل شركات خليجية و سعودية، وجدت نفسها مرغمة على مسايرة مصدر تمويلها، و الدخول في لعبة التملق و المديح كما كان الشعراء قديما يفعلون مع الملوك، فأصبحنا نقرأ و نسمع و نرى عن إنجازات ضخمة و قرارات عظيمة و مواقف نبيلة، يتخيل لنا من خلالها أن الوطن العربي كله بخير ما دامت توجد بيننا دول بكل هذه العظمة.لا أقصد الانتقاص من أي دولة، و ليست لدي أي ميولات عنصرية اتجاه أي شعب أو فرد عربي، لكني أرى التملق الذي فتحنا أعيننا عليه في الصحافة، مستمرا و أصبح تملقا فضائيا بعدما كان مكتوبا بالدرجة الأولى.

لماذا لا يكون إعلامنا الفضائي موضوعيا، يتحدث عن الانجاز الجميل بدون مبالغة و تعظيم، و لا يتجنب الحديث عن السلبيات، لكن أيضا بدون أن يقوم بتهويلها، لأنه توجد منابر إعلامية تقول عن نفسها موضوعية و قريبة من الناس، بينما هي في الحقيقة قريبة من السلبيات و تكون حيثما تكون النقائص، و تبتعد عن كل شيء جميل.

التقليد بالخط العريض

في ميدان البرامج التلفزيونية، الأفكار تأتينا دائما من الغرب، هم بارعون في ابتكار البرامج المتنوعة و خلق أشكال مختلفة للإبداع التلفزيوني، و نحن متفوقون في شراء حقوق البث و الملكية، و استنساخ صور جميلة أحيانا و مشوهة أحيانا كثيرة عن تلك البرامج التي حتما هي جميلة في نسخها الأصلية، لأنها تكون متوافقة في الغالب مع طبيعة المجتمع الذي وجدت فيه و ظهرت من أجل أن تقدم لجمهوره، و لأن المشرف عليها مباشرة هو مبتكرها.

برامج التوك شو مثلا على طريقة أوبرا وينفري أو تايرا بانكس، رغم محاولات تقليدها عربيا إلا أنها كلها باءت بالفشل، برنامج ستار أكاديمي رغم الملايين التي دخلت جيوب منتجيه، إلا أنه عجز عن تخريج أصوات غنائية حقيقية إلا القليل جدا منها، على عكس النسخ الغربية من البرنامج نفسه.

برنامج أحمر بالخط العريض، هو بذاته يعاني من خطوط حمراء لا يجب تجاوزها، يفتقر إلى الجرأة الكافية الموجودة بالنسخ الغربية للبرنامج، هل يستطيع في نسخته العربية أن يطرح قضايا و مشاكل سياسية حقيقية انعكست على الفرد و المجتمع؟ و هل يستطيع أن يسمي دولا و أشخاصا معينين بأسمائهم؟ لماذا التركيز دائما على الدعارة و المثلية الجنسية التي أصبحت أغلب البرامج تتعمد مناقشتها لكي تكتسب صفة الجرأة و تلفت لها الأنظار.

التقليد في حد ذاته يكون مشوها أحيانا، و يجعلك تترحم على نسخه الأصلية التي تعتبر إبداعا حقيقيا.

كل تلك الأموال الطائلة المسخرة من طرف العرب لقنواتهم الفضائية لم تتمكن من خلق برنامج ناجح يكون عربي المنشئ و الأصل، و المضمون أيضا.

هل عجزت ملايين الدولارات العربية المتداولة في الإعلام المرئي من العثور على عقل عربي مبتكر و تحفيز روح الإبداع فيه؟

لا أنكر أن بعض البرامج الغربية في نسخها العربية كانت ناجحة و مناسبة أيضا للجمهور العربي، لكن إلى متى التقليد؟ و هل النجاح مضمون فقط عندما تكون الفكرة مستوردة من برنامج عالمي شهير؟

لماذا الخوف من المغامرة بإنتاج برنامج كبير بفكرة محلية مبتكرة عربيا؟

لا أظن أن كل هذه الكفاءات الإعلامية العربية الظاهرة لنا و المخفية تعجز عن طرح أفكار جديدة لمواضيع تكون خاصة بنا، لماذا لا نبيع نحن حقوق البث للآخر، و يستنسخ هو من عندنا؟

إن نفس المنهج المتبع في الإعلام التلفزيوني و برامجه، هو ذاته المتبع في عملية التنمية بالمنطقة العربية عامة و الخليج خاصة، حيث الأموال تقوم باستقدام الكفاءات الأجنبية و استنساخ الأفكار و عمل ما يسمى "نسخ - لصق" لناطحات السحاب و كل مظاهر التطور الأخرى.

إنها مطربة و ليست إلها

يتحدث الإعلام الفني هذه الأيام عن رفض المطربة الكبيرة فيروز لعرض ملك الراي المطرب الجزائري الشاب خالد، و الذي كان ينوي الغناء معها في ديو فني كما كان قد فعل من قبل مع فنانين عرب و أجانب، مثل عمرو دياب، ديانا حداد، الهندية-البريطانية "أمار دهانجان"، و الإيراني-السويدي "كامرون كارتيو"، و أخيرا مع الفرقة الإفوارية (من ساحل العاج) الشهيرة "ماجيك سيستام".

في الأول تقبلت خبر الرفض بطريقة عادية جدا، و الخبر في أصله فعلا عادي، و لا يتطلب أي رد فعل، سواء من محبي فيروز أو من محبي خالد، مع العلم أني من محبي الاثنين، لكن فيما بعد لم أجد إلا أن أتخذ موقفا بسبب ما سمعت و قرأت من تعليقات مؤيدة لفيروز تشكرها على رفضها، و تنتقص من الشاب خالد، و كأنه طلب الغناء من شيخ دين أو راهب أو كاهن، و ليس من مطربة مثله، مع الأخذ بعين الاعتبار الفرق في العمر الفني و الحقيقي لكل منهما، و ميدان شهرة كل واحد. لكن هذا لا يبرر تعليقات بعض الصحفيين و القراء المنتقصة من حجم فنان جزائري بقيمة و شهرة الشاب خالد، و الذي لا ينكر أحد عالميته و وصوله إلى حيث لم يصل أي مغني عربي، بمن فيهم فيروز، و حتى الراحلة كوكب الشرق أم أكلثوم.

سيلين ديون نجمة الغناء العالمي في الوقت الحالي، غنت مع عمالقة الأزمنة الفنية الماضية، و الذين هم بحجم فيروز في المجتمع العربي، و لم يعارض أحد ذلك أو يهاجم سيلين ديون، و كذلك المطرب الفرنسي الذي يعتبر أسطورة عالمية "شارل أزنافور"، غنى و لا يزال يغني ديوهات فنية مع فنانين كبار و صغار، من بينهم بعض المتخرجين من برامج تلفزيون الواقع الغنائية، و لم يعارضه أحدا أو ينتقص من قيمة المشاركين له في الغناء.

فيروز مطربة عربية كبيرة، هي رمز للفن العربي المتميز، بصماتها و بصمات الرحابنة معها لا تمحى أبدا، لكنها ليست إلها يمنع الاقتراب منه، هي لم تخطئ برفضها لمشاركة الشاب خالد، من سمحوا لأنفسهم بالتعليق هم من أخطئوا، و هذا ليس بالأمر الجديد علينا، حيث نؤله الفنانين و نتخذ لهم معابد خاصة، و نمنع أنفسنا من الإشراك بهم أبدا.

كما أن غناء الراي، هو فن جزائري عالمي قائم بذاته، نجاحه واضح جدا إلا لمن أبى النظر بعين الواقع، هو غناء، كلمات ملحنة، أم أن فيروز تتحدث وحيا منزلا؟ هي تغني، لكن الهائمين بها يرونه وحيا لا مثيل له، و هذا هو سبب انتقاصهم لكل من يود الوقوف بجانبها.

مهزلة الفنك الذهبي

ست سنوات من الرداءة

في كل مرة أتابع فيها حفل توزيع جوائز الفنك الذهبي السنوية، أتساءل عن سبب الإصرار على تكرار الرداءة و تكريسها، و أحاول جاهدا البحث عن حجة مقنعة للمهزلة المتكررة كل سنة.

ما الذي ينقصنا؟ أو ما الذي لا ينقصنا؟

ألا توجد بالجزائر مقدمة أو مذيعة تستطيع تقديم حفل مباشر بدون القيام بأخطاء كارثية، هل من المعقول أن تنسى مقدمة حفل فني سنوي اسم فنان بمرتبة "بسام كوسا" أو "باسم ياخور"؟ ما علاقتها إذن بالحفل و بميدان التقديم؟ من الذي أحضرها و أجبر الآخرين على قبولها؟

كل سنة، يغيرون مقدمة الحفل، و للأسف كلهن ينافسن بعضهن في الرداءة و المستوى الهابط، لا يجيدون الكلام أصلا، سواء بالعامية أو الفصحى أو الفرنسية، لا أدري من أين يتم استقدام أمثالهن، الأجدر بهن العودة إلى مجالاتهن الأصلية.

منذ العام الأول لانطلاق حفل الفنك الذهبي، و القائمون عليه يصرون على فكرة أن الحفل يساهم في تقديم صورة جميلة عن الجزائر الحالية بعد دخولها مرحلة جديدة، لكن في الواقع حفل الفنك الذهبي يكرس كل عام صورة سيئة عن الجزائر و فنها و مسؤوليها، و يؤكد مدى الفرق الكبير بيننا و بين من تمكنوا من الوصول باسم بلدهم عاليا عن طريق الفن.

كل عام، نشعر بخيبة كبيرة بعد الانتهاء من متابعة كوارث حفل الفنك الذهبي، التنظيم دون المستوى رغم ما يقال عن الجهد المبذول و الأموال المسخرة، عجز المنظمون حتى عن استقدام مقدمة مشرفة أو حتى عارضة أو مضيفة تتقن عملها و تجيد إحضار باقة ورد أو جائزة بدون أن يسيرها أحد أو يوجهها على المباشر، هل خلت الجزائر من مقدمة محترفة أو عارضة لديها نسبة ذكاء تتيح لها تذكر المطلوب منها في تلك الليلة؟

أم أن أصحاب الواسطة، أو بالأحرى صاحبات الواسطة هن الأولى بالعمل بذلك الحفل و النهل من أمواله المسخرة لإنجاحه؟

هل نعجز عن استقدام إعلامي جزائري محترف أو مذيعة جزائرية مقتدرة ممن تمتلئ بهم الفضائيات العربية؟ ألا يمكن استقدام أحدهم لليلة واحدة ليكون الحفل أكثر احترافية و جمالا؟ دول كثيرة تقوم بهذا ضمانا لسير الحفل بطريقة مهنية عالية.

عن أي صورة جميلة للجزائر تتحدثون؟ أنتم أسوء صورة يمكن أن تكون عن الجزائر و فنها.

سياسة جس النبض

لا تختلف القنوات الفضائية العربية كثيرا عن الأنظمة العربية الحاكمة، بل هي تشبهها كثيرا وتحاكيها جيدا في بعض طرق تعاملها مع الشعوب والجماهير العربية. تلتقي تلك القنوات مع تلك الأنظمة وتتفق معها وبدون قصد حول انتهاج سياسة جس النبض، فالشارع العربي نبض يجب أن يقيسه الحكام قبل إصدار القوانين الجديدة، وتغيير الدساتير وتغيير نوع الحكم، كما للتحرر العربي نبض يجب أن تقيسه الفضائيات قبل عرض أي مادة جديدة تحوي تحررا جسديا غير معتاد لدى الجماهير العربية.

ما فعلته أنظمتنا وتفعله منذ بدء وجودها الأبدي، هو تماما ما قامت وتقوم به فضائياتنا منذ ظهورها في سنوات التسعينات، فقد اعتدنا مثلا بالجزائر أن نسمع الإشاعات المختلفة تنتشر هنا وهناك عن أمور سياسية واقتصادية واجتماعية، عن قانون جديد يتعلق بسياسة الشغل، أو نظام التأمين والضمان الاجتماعي، أو النظام الصحي، عن احتمالات تولي الشخص الفلاني لمنصب وزاري، عن عودة ذلك السياسي الغائب إلى الأضواء قريبا.
هذه الإشاعات هي تحضير نفسي جيد لأفراد الشعب لتقبل تلك القوانين عند صدورها، وهي بمثابة جس النبض لهم، وقياس مدى تقبلهم لذلك التغيير.

أما القنوات الفضائية ولكي تقوم بجس نبض الجماهير اتجاه التحرر الجسدي فهي لا تعتمد على الإشاعات، وإنما تتبع سياسة الجرعات الخفيفة الأولية، لأن جرعة التحرر الكبيرة والمفاجئة قد تسبب لجمهور المشاهدين حساسية، وردة فعل عنيفة ورافضة لما يبث من أمور مختلفة عن المعتاد.

الجرعات الخفيفة من مناظر العري والقبل والأحضان والرقص، تمنع ظهور رفض كلي لتلك البرامج والمواد الإعلامية، وتضمن استمرارها، مع زيادة نسبة الجرعات تدريجيا وعبر سنوات إلى أن تصل إلى ما وصلت إليه الآن.
فالتنورة العربية التي كانت تبدو في سنوات التسعينات فوق الركبة أصبحت الآن “مايوه” لا يغطي من جسد من ترتديه إلا المناطق الحساسة جدا، ولا ندري هل سيحين دورها هي أيضا للظهور في الكليبات الغنائية والبرامج التلفزيونية.

في سنوات التسعينات، عند ظهور “دي دي” الأغنية الضاربة والناجحة لمغني الراي العالمي الجزائري الشاب خالد، عزفت كثير من التلفزيونات العربية عن عرضها بحجة تنافيها مع عاداتنا وأخلاقنا، وبسبب التحرر الجسدي الذي يحويه كليب الأغنية، والقنوات التي عرضته في ذلك الوقت، قامت بالتصرف في صوره وحذف بعضها وتثبيت الأخرى، وكأننا أمام فيلم جنسي وليس كليب غنائي.

اليوم، نفس تلك القنوات التي رفضت أغنية “دي دي” وحذفت لقطات منها، تقوم بعرض مسلسلات جريئة وأغاني إيحائية صريحة لشبه مغنيات يلبسن كما يقول عادل إمام “من غير هدوم”.

المسلسلات التركية عند ظهورها العام الماضي، لم تكن بنفس التحرر الذي هي عليه الآن، دائما أول مرة تكون عبارة عن جس نبض، حيث يتم حذف بعض المشاهد لتخفيف جرعة التحرر الجسدي الموجود بالمسلسل، فالأحضان والملامسات والمداعبات الجسدية الموجودة الآن بمسلسل “وتمضي الأيام” غير متوفرة بنفس تلك الكثافة بمسلسل “نور” الذي عرض قبل عام.
نفس الشيء حدث مع برنامج تلفزيون الواقع “ستار أكاديمي”، في الأول كان ممنوعا على التلاميذ الذكور الدخول لغرف نوم البنات، هذا في “ستار أكاديمي 1″، الآن في ستار أكاديمي 5 و 6، نرى تلميذات الأكاديمية يسبحن بالبيكيني.

سياسة جس النبض تخلق الألفة لدى المشاهد لأمور يرفضها لو جاءت مباشرة، ويحضنها لو دخلت عليه تدريجيا، المشكلة كلها تتعلق بالتعود، عندما يتعود الشعب أو الجمهور على فكرة معينة، يصبح قابلا لها ومتعايشا معها، ولو كانت تلك الفكرة عبارة عن قانون ظالم أو مادة إعلامية إباحية.

نجوم تتألق خلال الحرب





القنوات الفضائية الإخبارية و مقدمو نشرات أخبارها، هم نجوم الحروب و الأزمات في الألفية الثالثة، مع أن بوادر هذه النجومية بدأت منذ سنوات التسعينات مع ظهور الفضائيات، إلا أنها تأكدت خلال الحروب الأخيرة التي اشتعلت نارها في السنوات الماضية، خاصة حرب تموز 2006 أو العدوان الإسرائيلي على لبنان في شهر جويلية 2006 و حربه على شعب لبنان و ضد حزب الله.

و طبعا الحرب الحالية التي لا يزال شعب غزة يحترق بنارها لغاية كتابة هذه الأسطر. و مع تزايد حدة المعارك و وحشية العدوان تزداد حدة التنافس بين الفضائيات على السبق الصحفي و الصورة الحصرية و الخبر الجديد، و تختلف صور الدمار و نوعية المواد الإعلامية المعروضة حسب توجه القناة و غرضها من بثها الإخباري، و يمكن معرفة الخط الذي تسير عليه القناة من مجرد التمعن في العناوين التي بدأت تضعها و تغيرها منذ بدأ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى غاية يومنا هذا. عناوين مكتوبة بالبنط العريش على أحد جوانب الشاشة تدل على المرحلة التي وصلت إليها الحرب و طريقة نظرة القناة إلى ما يحصل.

في أول العدوان، كتبت قناة الجزيرة غزة تحت النار، و الآن تكتب الحرب على غزة، أما قناة العربية المنافس الأول و الحقيقي لقناة الجزيرة، فقد وضعت في الأول عنوان غزة تحت اللهيب، و الآن تضع اجتياح غزة، أما قناة الحرة و التي أعتبرها بعيدة كثيرا عن منافسة العربية و الجزيرة، فقد كتبت عنوان الحرب في غزة، كدليل واضح جدا على عدم وقوفها مع أي طرف رغم أن العدو واضح و الضحية كذلك، فلا مجال للتساؤل عن من دخل على من، و من اعتدى على من؟ أظن بأن مصطلح الحرب في غزة عندما تكون الحرب بين طرفين إما يسكنان في نفس المدينة، أو العكس، لا يسكنان بها و لكن التقوا فيها و قامت الحرب بينهما على أرضها. لكن هنا إسرائيل هي من دخلت غزة بغرض القضاء على حماس و اعتدت بهذه الذريعة على كل سكان غزة من أصغرهم إلى أكبرهم، و جعلتهم يتساقطون الواحد تلو الآخر حتى يكاد يصل عددهم للألف و بكل سهولة لو استمرت الحرب ليومين أو 3 أيام بعد كتابة هذا المقال.

قبل أن أكمل مع باقي القنوات، قناة الجزيرة طبعا معروفة بميلها الكبير إلى الاتجاه الإسلامي و حركة حماس، إن لم تكن ناطقا رسميا لها حسب اتهامات البعض، و بالتالي فهي خلال تغطيتها للعدوان الصهيوني على غزة تبنت كالعادة الاتجاه الجهادي و الإسلامي و جاءت نشرات أخبارها رغم دقة المعلومة و احترافية مراسليها و مقدمي نشرات أخبارها، جاءت رغم ذلك مليئة بصور و أصوات الإسلاميين و صراخهم، قادة و جماهير، خاصة و أن قناة الجزيرة تترك الفرصة كثيرا لجمهور المشاهدين للإدلاء بآرائهم في برامجها المباشرة. و هذه نقطة يحسبها البعض لصالح الجزيرة على حساب العربية.

هذه الأخيرة، قناة العربية، التي لا ندري هل هي من نصنفها رقم واحد أم الجزيرة، حيث أن درجة الاحترافية بكلتا القناتين كبيرة جدا، و تجعل من الصعب ترتيب أي واحدة على الأخرى، ربما من جهة الخط الافتتاحي يمكن لجمهور المشاهدين ترتيبهما حسب ميوله، أما من الناحية المهنية، فقد وجدت من الصعب وضع واحدة قبل الأخرى.

قناة العربية، خلال تغطيتها الجيدة جدا و المتواصلة للحرب على غزة، اختارت الركون إلى الجانب الإنساني بالقطاع و اللجوء إليه، مع عدم إهمال باقي الجوانب في الحرب، و قد كانت العربية متميزة جدا في تركيزها على الجانب الإنساني في غزة، و لكن ما لاحظته خلال الأيام الأولى لتغطيتها للحرب، هو عدم وضوح رأي العربية اتجاه ما يحصل، يمكن لأن توجه قناة العربية لا يميل أبدا إلى حركة حماس، الآن و بعد 14 يوما من بداية العدوان، بدا موقف قناة العربية واضحا جدا، و بدون تحفظ، حتى موقف مقدمي أخبارها بات واضحا، و أصبحنا نرى تعاطفهم الواضح مع غزة، و لومهم المباشر للعدوان الإسرائيلي. يمكن عدم وضوح موقف العربية في الأول كان نتيجة عدم تبلور موقف المملكة العربية السعودية من الحرب في أول بدايتها، فتبعية العربية للسعودية هي تماما مثل تبعية الجزيرة لقطر.

قناة المنار، أيضا كانت مواكبة لما يحدث، بصور دموية جريئة جدا و عناوين صريحة و حماسية، و توجه المنار الواضح و تبعيتها المباشرة لحزب الله، تجعلها محدودة الجمهور، و هي بعيدة عن المنافسة أصلا لأن غرضها جهادي إعلامي، و مع ذلك فهي تقوم بدورها على أكمل وجه، و مجال للمقارنة بينها و بين قناة الأقصى التابعة لحركة حماس من ناحية الاحترافية و التنظيم.

و تقريبا، نفس الجمهور الميال لقناة الجزيرة تجده يبحث بين الحين و الآخر عن قناة المنار أو الأقصى بواسطة الريموت كنترول. و قد يبحث نفس الجمهور عن قناة العالم الإيرانية الناطقة بالعربية، فهي تسير في نفس الخط تقريبا. قناة روسيا اليوم، رغم محدودية جمهورها هي الأخرى، أظنها قد تكسب عددا جديدا من الجماهير بفضل تغطيتها للحرب الحالية على غزة، حيث نرى بالقناة لوما لإسرائيل و إن كان غير شديد اللهجة، و تضامنا جميلا مع أهل غزة يعكس سياسة روسيا اتجاه فلسطين و أمريكا و كل ما يحدث في العالم.

قناة أبوظبي أصبحت خارج المنافسة منذ مدة طويلة، حتى في حرب لبنان 2006 كانت كذلك، أتحدث هنا عن المنافسة الإخبارية، لأنها خلال العداون على العراق و سقوط النظام البعثي، كانت تغطيتها مميزة، و كذلك قناة المستقبل. الأل بي سي، أراها تنتظر انتهاء الحرب، لتعطي الضوء الأخضر لانطلاق ستار أكاديمي 6، رغم أني أصنفها من أكثر التلفزيونات العربية جرأة و مقدرة على عرض ما لا يعرض، سواء في الفن أو السياسة.

الدراما العربية و الخوف من التغيير

الضجة الإعلامية و الجدل الذي دار و يدور الآن حول الدراما التركية تحول تلقائيا و كنتيجة حتمية إلى جدل حول الدراما العربية و وجه إليها الأنظار أكثر من أين وقت مضى ربما منذ ظهور الدراما التلفزيونية العربية.

أصلا قوة أثر و صدى الجدل المثار حول المسلسلات التركية ما كان ليكون كذلك لو أثير مثلا في عشرية سابقة، حيث لم تكن حمى الفضائيات كما هي الآن في أوجها و لا تزال، و لا الأنترنيت منتشرا كما اليوم.

إن قوة القنوات الفضائية التي بادرت بالخطوة الأولى لعرض الدراما التركية و امتلاكها لترسانة من وسائل الإعلام المساندة من جرائد و مجلات و مواقع و منتديات إلكترونية، ساهمت كثيرا في لفت الأنظار إلى النقاش المثار حول واقع الدراما العربية و مقارنتها بالتركية.

و الخطأ الذي وقع فيه بعض المشاركين في هذه النقاشات، هو وضع الدراما التركية كنموذج أو مقياس للمسلسل الناجح، فحتى المسلسلات الرومانسية العربية التي تعتبر غائبة و في حال حضورها، لا يجب أن تكون صورة طبق الأصل للتركية أو المكسيكية، فمثلا وجود الأم العازبة بهذه المسلسلات يبقي على رومانسية العمل و بطلته، أما في الدراما العربية، لا أظن المشاهد العربي يقبل أن تكون البطلة الرومانسية أما عازبة، فهو يقبل من الأجنبيات ما لا يقبله من العربيات.

و بالنسبة للأسئلة الموجهة نحو الدراما العربية فقد كانت بنفس القوة و أكثر عددا و تنوعا، و تزامنت مع وصول شهر رمضان، لتتكاثر التساؤلات و المقالات المادحة و الناقدة لها، فمنها من يستبشر برجولة (أبوشهاب) كمقاومة لوسامة (مهند)، و منها من يعايرها بالعجز عن ملامسة مشاعر المشاهد العربي.

و بعيدا عن كل هذه الأسئلة، كانت الفضائيات العربية منشغلة بالتنافس الهستيري بينها حول البث الحصري و اختيار الوقت السحري لعرض تلك الأعمال، التي أصبحنا نشعر بأنها أنجزت فقط من أجل جلب أكثر و أكبر المعلنين و شركات المشروبات الغازية و الاتصالات و السيارات، فالفاصل الإعلاني القصير الذي كان يتخلل البرامج التلفزيونية، لم يعد فاصلا، و أصبح هو الأساس، بينما لقطات المسلسل المتقطعة أصبحت هي الاستثناء الفاصل الذي يقطع متابعتنا للومضات الإشهارية التي حفظنا عن ظهر قلب عباراتها المختارة بعناية فائقة، و شخصياتها التي تعتبر من أبطال الأعمال الرمضانية شأنها في ذلك شأن أبطال المسلسلات السورية و المصرية و الخليجية.

و مهما تنوعت هذه المسلسلات في رمضان، يبقى القاسم المشترك بين أغلبها هو غياب عنصر التغيير و المغامرة، نحن بأمس الحاجة إلى منتج جريء و مغامر، لا يتردد في تغيير نمط و شكل و مضمون الدراما العربية من دون أن يكون مهموما بهاجس الخسارة و الإفلاس.

مواضيع مسلسلات رمضان هذا العام كانت متنوعة، بين قضايا الفقر و أطفال و فتيات الشوارع، و عمالة الأطفال، و السحر و الشعوذة….، و لكن أغلبها يمكن التنبؤ بنهايتها منذ مشاهدة حلقاتها الأولى، التشويق هو ما ينقص الدراما العربية، كما أن تحديد كل حلقات المسلسلات العربية بـ 30 حلقة فيه ظلم كبير للمسلسل نفسه و للمشاهد العربي، و إن كان من غير المعقول إطالة أي مسلسل إلى ما فوق 100 حلقة كما المسلسلات التركية و المكسيكية دون أن يقع المؤلف و المخرج في فخ التكرار و تمطيط الأحداث.

لكن لماذا 30 حلقة؟ أغلبية الأعمال الدرامية نشعر بالألفة اتجاهها بعد الحلقة 20 أو 25، لماذا لا تكون الحلقات مثلا 50 أو 70 حلقة؟

ثم أنه يوجد أمر هام لا بد من الاتفاق عليه عند حديثنا عن الدراما العربية، حول ما إذا كنا نريدها دراما مدوية تدر الملايين على منتجها و على القناة التي تبثها، أم نريدها دراما مميزة هادفة و جدية و عميقة، مع الإشارة أن الجمع بين عنصري الربح و العمق ليس مستحيلا أو حراما، و الدراما الهادفة ليست كتابا مدرسيا مملا أو واعظا يملي على الناس النصائح و الحكم.

للأسف، توجد أعمال درامية عربية قليلة، هي سورية بالتحديد، كانت مميزة و عميقة لكنها لم تلق صدى كبير لأنها كانت تتطلب مشاهدا غير كسول، و لا تحتوي على توابل تجارية تضاف للعمق الذي يميزها.

الدراما العربية بحاجة للكثير من التغيير، و أول ما يجب تغييره هو قطع ارتباطها الدائم بشهر رمضان، حتى أصبحت تسمى الدراما الرمضانية، و بقية أشهر السنة تستهلك التلفزيونات تلك الأعمال إلى غاية وصول رمضان المقبل.

تغيير آخر هام جدا و ضروري، هو تغيير الشكل الذي يعرض به مضمون المسلسلات، فليس الواجب فقط تسليط الضوء على الواقع العربي بل طريقة تسليط هذا الضوء تلعب دورا كبيرا في وضع العمل الدرامي في صف التميز أو الرداءة.

و أقصد بالشكل، الجنيريك، الموسيقى التصويرية، الديكور، التصوير، أداء الممثلين…..

كما قد يساهم الإنتاج المشترك في تغيير بعض سمات الدراما العربية، خاصة إعطاء الفرص لمخرجين معروفين و جدد من الشام و المغرب العربي لإنتاج أعمال عربية، سواء مصرية أو سورية أو خليجية، كما يجب إتاحة المجال لمؤلفين آخرين غير الذين اعتدنا على رؤية أعمالهم، لأن التعامل مع نفس الكتاب دائما يجعل الأفكار و الرؤى تتكرر مهما كان الكاتب عظيما و مقتدرا، لا هروب من حقيقة تجديد الدماء مع الوقت، و فسح المجال للشباب من ممثلين و ومصورين و مؤلفين و مخرجين.

و المساهم الأول و الدافع الكبير لعجلة هذا التغيير هو صاحب المال، المنتج الذي يقتنع بهذا الكلام.

(نُشر في: مجلة المسار - العدد: 147 - 30 أكتوبر 1977 - جامعة السلطان قابوس - سلطنة عمان)

التكريم الغربي للإبداع المهمش عربيا

مسلسل الاجتياح مرة أخرى، لكن ليس للدفاع عنه، بل ربما للتأكيد على أن الإبداع مهما حاولنا تهميشه والتغاضي عنه، سيعترف به الآخرون رغما عنا، وهو نفس الأمر الذي حدث مع مسلسل الاجتياح الذي أنتج سنة 2007، وعرض في رمضان لنفس الموسم على قناة LBC، ولم تتجرأ بعد ذلك أي قناة على عرضه.

الاعتراف بقيمة البرنامج الفنية والإبداعية جاءت من الغرب، بحصوله على جائزة إيمي الدولية، التي لم ترشح لها كل الأعمال الدرامية التي عرضت مع و بعد الاجتياح، و تهافتت عليها الفضائيات العربية لعرضها من باب السبق و الحصرية.

الاختلاف و التغيير هما أهم سببين جعلا مسلسل الاجتياح متميزا ومرشحا للفوز بالجائزة، الغرب يكره التكرار، التكرار يقتل الإبداع، والعرب مهوسون بالتكرار والتقليد، ولديهم رهاب التغيير والأفكار الجديدة، يكفي أن ينجح عمل واحد عن إحدى الحارات العربية، لتتبعه باقي المؤسسات والقنوات لإنتاج وعرض كمية كبيرة من مسلسلات الحواري، ونفس الشيء مع مسلسلات الفترة الناصرية وغيرها من الأفكار المكررة والأداء المكرر. التكرار والتقليد نجده حاضرا بدءا من جنيريك البداية إلى جنيريك النهاية، الأداء والديكور والملابس والقصة أيضا، والممثلون أيضا لم يسلمو من التكرار وإسناد نفس الدور لنفس الممثل في أكثر من عمل له نفس القصة تقريبا.

الأمثلة عن الإبداع العربي المهمش في أوطانه والمعترف به في الخارج كثيرة، وكثيرون هم المبدعون في شتى المجالات ممن عانوا من غض البصر عن أعمالهم في بلادهم، ولما يأتي الاعتراف والتكريم من الغرب، يصفق العرب تلقائيا لذلك العمل، وكأنهم كانوا ينتظرون الإذن الغربي لفعل ذلك، وكأنها مسألة ثقة، أو مشكل غيرة من المميز والمختلف، أو خوف من أفكار مغايرة لما هو سائد، وعند الاطمئنان بأنها أعجبت الآخر ولم تغضبه (عكس ما كان متوقعا)، يأتي الاعتراف بعدها دون خوف.

ربما فوز مسلسل الاجتياح بجائزة إيمي، سوف يحفز البعض من أصحاب القرار والتنفيذ في ميدان الدراما العربية على خوض مجال الدراما الموجهة للقضية الفلسطينية وبنفس طريقة الاجتياح، هذا في أحسن الحالات، وهذا ربما أهم مكسب نكسبه بعد هذا الفوز، أما أن ننتظر أن يفهم هؤلاء الدرس جيدا، ويركبوا حصان التغيير، فهذا ما يعتبر حصوله بعيدا جدا، وحصان التغيير حسب ما يبدو، لا زال محتجزا، ولن ينطلق غدا.

في أيد محترفة

اختيار الفنانة “يسرا” لموضوع مسلسلها هذا العام كان موفقا جدا أكثر من كل مواضيع مسلسلاتها التي عرضت في المواسم الماضية من شهر رمضان.

مسلسل “في إيد أمينة” وجدته متميزا في جوانب كثيرة، و مميزا عن أغلبية أعمال الدراما المصرية الحالية، و لا أدري بأي نقطة أبدأ نظرا لأهميتها كلها، ولضرورة ذكرها، لعل الأعمال المصرية تتبع نفس الخط، وتتجدد كما حدث في هذا المسلسل.
وأول ما يقال عنه بصفة عامة، أنه واقعي، واقعي بامتياز، من حيث الموضوع الرئيسي والمواضيع الجانبية المطروحة، ومن حيث أماكن التصوير الخارجية والداخلية، والديكور ولباس الممثلين الذين كان أداءهم مقنعا جدا ولافتا ساعده في ذلك طريقة التصوير المتميزة والألوان المختارة والغالبة على جو المسلسل.

المسلسل هو أيضا عمل موجه بالدرجة الأولى للدفاع عن الطفولة وكل المشاكل المتعلقة بالطفل في المجتمع، من استغلال جنسي واغتصاب، وعمالة الأطفال وخطفهم والتجارة بهم وبأعضائهم، وأطفال الشوارع
كما يطرح المسلسل مشاكل أطفال الطبقة المتوسطة والغنية ولو كعرض جانبي من خلال الطفل “أسامة” ابن إيمان (جيهان فاضل) و”أيمن” ابن عايدة (روجينا)، حيث يعاني ابن الطبقة المتوسطة من انفصال والديه وعدم سيطرة والدته عليه في ظل غياب الحوار الأسري ووجود الانترنيت ورفقاء السوء وسهولة الحصول على المخدرات، أما ابن الطبقة الغنية فقد كانت بالمسلسل إشارات صغيرة ولافتة للمربية أو الأم البديلة للطفل وعدم قيام الأم الحقيقية بدورها التقليدي المعروف منذ ظهور الحياة.

في إيد أمينة” يطرح كذلك فكرة الفقر كما لم يطرحها مسلسل مصري من قبلو يربطها ربطها مباشرا مع ظاهرة الدعارة، واقعية هذا الطرح كانت مؤثرة فعلا ومحزنة، والمعروف أن المسلسلات المصرية في الغالب تبتعد عن مظاهر الفقر وإن جسدتها فهي لا تتقن محاكاة الواقع المصري في ذلك.

ميدان الصحافة والإعلام أيضا كان له نصيب هام جدا من قصة المسلسل التي كتبها محمد الصفتي وأخرجها الأردني محمد عزيزية، فإضافة إلى ربط مشاكل الطفولة والمجتمع وعلاقتها بالصحافة، وطبيعة هذه العلاقة عن كانت تقف عند مجرد الطرح أم تتعدى ذلك لتقديم يد المساعدة والمساهمة في التغيير، إضافة لهذا، قصة المسلسل تجعلنا نعيش جو العمل في الصحافة الخاصة من خلال المواقف والمشاكل التي تظهر طيلة حلقات المسلسل بين أمينة (يسرا) وبين رئيس التحرير شامل (هشام سليم) وبين باقي الطاقم الصحفي للجريدة من صحفيين دائمين ومتربصين، وقد برزت من أول الحلقات مشكلة استغلال الصحفيين الجدد والمتربصين، وللأسف هذه الظاهرة على ما يبدو موجودة بكل الصحف العربية.

كما نجد فكرة حرية الصحافة والتعبير حاضرة بوضوح ومدى استقلالية الصحيفة الخاصة وتبعيتها لأصحاب المال، ورقابة رئيس التحرير والرقابة الذاتية لكل صحفي من خلال الخطوط الحمراء التي تكون موضوعة أصلا في رأسه.
وككل الإدارات والمؤسسات وخاصة الصحف والجرائد، الولاءات والتكتلات والوشايات والتنافس الشريف وغير الشريف لا تغيب عن جريدة “الأيام”، الاسم الذي اختاره كاتب المسلسل للجريدة التي تدور بها وحولها أغلب الأحداث.
متابعتي لهذا العمل الدرامي المصري المتميز، جعلتني أتمنى أن تكون كل الأعمال المصرية مثله، في إيد أمينة ومحترفة.

الحب بدون نظرة

هناك الحب من أول نظرة، وفي مسلسل باب الحارة يوجد الحب بدون نظرة، حيث شاهدنا معتز يسهر الليالي باكياً على حبه الضائع خيرية، على فتاة لا يعرف منها إلا اسمها، ولن يراها أبدا إذا لم يتم زواجه بها.

وشاهدنا أيضاً عقيد الحارة أبوشهاب ينهر أخته سعاد التي وصفت له ملامح وجه خطيبته شريفة قبل أن يتزوجها.
وشاهدنا كذلك بهذه الحارة الشهيرة كيف تكون الرشوة حلالاً متداولاً بين جميع الناس، بينما رؤية وجه المرأة من أشد المحرمات والممنوعات. المسلسل كما أراه، ورغم جودة انجازه، ومتعة مشاهدته، وصدى شهرته، أراه يروج لأفكار قديمة متجدِّدة ظالمة للمرأة ولحرية الإنسان عموماً. واللوم ربما لا يقع على الكاتب بقدر ما يكون موجهاً للجمهور الذي يتعامل مع مواضيع المسلسلات بطريقة مثالية وكأنها الجمهورية الفاضلة.

إذا كان غرض كاتب هذا العمل الدرامي الناجح هو إبراز الحياة الاجتماعية بالشام في تلك الفترة الزمنية بكل تفاصيلها الصغيرة من خلال حياة سكان الحارة، فلا يجب على المشاهد أن يتعامل مع ذلك النمط من المعيشة على أنه هو الأصل وهو ما يجب أن يكون، ولا يجب النظر إلى حياتنا الحالية على أنها انحراف لنموذج الحياة بالحارة.

خلال متابعتي للمسلسل تستفزني مظاهر التشدد والتسلط التي جعل منها الكاتب والمخرج وجبة شهية وممتعة ننتظرها كل يوم مقدمة لنا من طرف نجوم سوريا المميزين.

ما يزعجني في كل هذا هو أن ما يعرضه المسلسل على أنه وصف لحالة مجتمع في فترة ماضية، يتعامل معه الناس على أنه إقرار لما بقي وما ورثوه في عقولهم من أفكار رجعية متشددة، وحتى أبطال العمل أنفسهم خلال حضورهم حفلاً تكريمياً منذ أيام بمناسبة عرض الجزء الثالث منه، صرحوا بأن قصة المسلسل هي رجوع لقيم جميلة مثل الشهامة والبساطة والتكافل…، ونسي هؤلاء النجوم أن العمل أيضا دعوة للتشدد بالمقابل.

إذا أخذنا كل القيم الموجودة بالمسلسل، لا يمكن أن نغفل كمية الجرعات الدينية والرتوشات الرجعية بالعمل، والتي يمكن أن يتعامل معها الجمهور على أنها أيضا قيم جميلة يجب أن تعود، لأن شخصيات العمل الطيبة والرئيسية لا تنكر تلك الأمور وتتعاطاها كما لو كانت مقدسات لا يمكن العيش بدونها.