في انتظار مليونير متشرد عربي

منذ أيام، دار حديث قصير بالإيمايل بيني و بين صديقي و أستاذي الناقد السينمائي صلاح سرميني، حول الفيلم البريطاني الحائز على 8 جوائز أوسكار "المتشرد المليونير"، و بما أن الفيلم يعتبر بوليوديا بطريقة غير مباشرة، فقد طلبت من الأستاذ صلاح أن يتحفنا بمقال نقدي جميل عن الفيلم، لأنه أصبح متخصصا في نقد الأفلام الهندية و شبه متفرغ للكتابة لها، و يعتبر رائد الكتابة النقدية السينمائية العربية الموجهة للسينما الهندية.

كنت متحمسا لمعرفة رأيه عن الفيلم و قراءة تحليلاته، فالفيلم هام جدا و يمكن قراءته من عدة جوانب، كما يمكن لأكثر من صاحب اختصاص الحديث عن الفيلم، و الأولوية طبعا للنقاد السينمائيين.

"المليونير المتشرد" فيلم هندي الهوى والمحتوى. كل ممثليه هنود.منهم أبناء الوطن، ومنهم المغتربون. اثنان فقط منهم هم من مشاهير بوليود، النجم الكبير (أنيل كابور – Anil Kapoor) والممثل المميز (عرفان خان - Irfan Khan) صاحب أدوار بطولة الصف الثاني المتميزة، كما أن القصة تدور في الهند وعن الهند وشعبها الفقير. وفاز "المليونير المتشرد" بأوسكار أحسن فيلم، في حفل توزيع جوائز الأوسكار الـ 81 الذي أقيم 22 شباط/فبراير في عاصمة السينما العالمية هوليوود. ويدور الفيلم حول شاب هندي فقير يشارك في برنامج مسابقات تلفزيوني من أجل كسب المال والحب. و من هناك تبدأ قصة صعود من العدم إلى الثراء في أحد أحياء مومباي وبلغ عدد الجوائز التي حصدها الفيلم في الحفل الذي نظمته أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية بمسرح كوداك في لوس أنجلوس ثماني جوائز، من بينها أوسكار أحسن مخرج الذي فاز به البريطاني داني بويل.

وتغلب بويل (25 عاما) الذي لم يرشح من قبل للفوز بجائزة الأوسكار على ديفد فينشر مخرج فيلم "حالة بنيامين باتون الغريبة"، ورون هوارد مخرج فيلم "فروست نيكسون"، وجاس فان سانت مخرج فيلم "ميلك"، وستيفن دالدري مخرج فيلم "القارئ".نجاح "المليونير المتشرد" هو نجاح للسينما الهندية و للهند، وإن كان الفيلم يصنف رسميا على أنه بريطاني. فالسينما الهندية التي جاوزت المئة سنة من عمرها بدأت تقطف ثمار تميزها ومشوارها الطويل وصمودها أمام باقي أنواع السينما في العالم و خاصة أمام هوليود.
كان من قبل في 2001 فيلم " KabhiKushi Kabhi Gham " الذي وصل لأوروبا وأمريكا بطريقة محتشمة و في صالات العرض فقط بعيدا عن المهرجانات، وبعدهة فيلم " Lagaan " الذي تنافس على أوسكار أحسن فيلم أجنبي سنة 2002 ، و عده في سنة 2003 الفيلم الظاهرة الذي فتح البوابة الغربية واسعة أمام بوليود " Devdas "، و معه فتحت أبواب الجنة لنجمة بوليود (أيشواريا راي – Aishwarya Rai).

بوليود اليوم أصبحت منافسا لهوليود وملهمة لها. هذا عدا عن سيطرتها على السوق الآسيوية، هي نجاح آخر للهند يضاف لها تماما كما بروزها ونجاحها.

في ميدان المعلوماتية التي أصبحت شبه محتكرة له ومختصة دون غيرها في تخريج العلماء والمبتكرين. يحدث هذا في الهند، وبفضل السينما، التي لا نزال نحن هنا في مجتمعاتنا العربية على اختلاف مذاهبها وطوائفها وإيديولوجياتها، نتجادل هل هي حرام أم حلال؟ هل هي ترفيه يمكن الاستغناء عنه؟ أم هي صناعة ضرورية لا بد منها؟ هل يجب أن تحظى بدعم الدولة؟ ومتى يجب تسهيل الأمور للخواص للخوض فيها؟ وماذا يجب أن تقول و لا تقول؟ و كيف يكون شكلها؟ هل تكون واقعية أم خيالية؟ وبخصوص هذه النقطة الأخيرة، أرى بأن الأمر يتعلق بالاحترافية وإتقان العمل السينمائي، لا يهم هل هو واقعي أم رومانسي أم خيالي، ما ينقصنا هو عدم وجود أعمال متقنة تتحدث عن مشاكلنا المحلية و لو بخيالية و لكنها ترقى لمرتبة العالمية، و هذا ما فهمته بوليود وعملت عليه، هي سينما حالمة، غنائية استعراضية، وتجارية بامتياز، تمكنت منذ أكثر من 100 سنة من الحفاظ على خصائصها و الوصول إلى ما وصلت إليه الآن. وإلى أن يفهم صناع السينما العربية هذه المعادلة، يبدو أن انتظارنا لمليونير متشرد عربي سيطول كثيرا.

(صحيفة المتوسط - العدد : 04 - السبت 04/04/2009) بتصرف

0 تعليقــات:

إرسال تعليق

free counters

عن المدونة

مقالات الكاتب و الناشط في مجال الأعمال الخيرية و الإنسانية جمال الدين بوزيان