غربال ولد عباس

غربال وزير التضامن لن يغطي أبدا شمس الحقيقة، حقيقة أن واقع الفقراء بالجزائر قاسي جدا، و أن عدد أفراد هذه الفئة التي لا يعترف بها ولد عباس عدد كبير جدا، و أكبر من أن يستطيع تغطيته بغربال تصريحاته التي لم يعد أحد يصدقها، ربما يصدقها غير الجزائري ممن لا يعرف عن الجزائر شيئا سوى أنها بلد الأبطال و بلد المليون و نصف مليون شهيد.
لكنها اليوم، أصبحت بلد قفة رمضان، و من بين أبرز الدول التي تجد بها فقراء يعانون الجوع و المرض، بينما خزائنها ملئ بالمداخيل، و تصريحات حاكمها و وزراءه توحي أنها جنة الله الموعودة.
طوابير الفقراء و أنصاف الفقراء التي نشاهدها كل عام أمام مداخل البلديات و المساجد و الجمعيات الخيرية، ليست مسرحيات و تمثيليات، انتخاباتنا التي يقال عنها نزيهة قد تكون كذلك، مجرد مسرحيات تضفي الشرعية على الفائز، أما مناظر الفقراء فهي حقيقية، لم تأتي من فراغ، أو لمجرد أن ذلك الذي يقف في الطابور فقد حياء وجهه أو أنه يتصف بالرخس كما قد يصفه الكثيرون.
من يضطر للوقوف في طابور الصدقة، هو رب عائلة جائع، أولاده جائعون و مرضى، قد يكون مرضهم الربو لأنه يعجز عن تسديد تكاليف التدفئة طيلة فصل الشتاء، و الأمثلة على هذا كثيرة جدا، و نعيشها مع الناس يوميا.
من غير المعقول أن نتهم كل فقراء الجزائر بأنهم متسولون محتالون انتهازيون، فأمثال هذه الفئة موجودون بكل مجتمعات العالم حتى الراقية منها، و لكن ليس من المعقول أن تصبح نصف عائلات البلدية مصنفة ضمن تلك الفئة، من المستحيل أن يكون الواقفون في طوابير الصدقة كلهم محتالون، الجوع و الاحتياج يفعلان بالإنسان ما يمكن تصوره.
ألا يعلم السيد الوزير كيف هي وضعية الفئات المحرومة و التي من المفروض أنه أعلم الناس بها، ألا يعلم ماذا يمكن أن يفعل المعاق أو المريض المزمن بمنحته، هل يمكن لها أن تفطره و عائلته يوما واحدا من رمضان؟ أليست الصدقة و قفة رمضان هي الحل الراهن و الأسرع؟
حتى الموظف، هل يكفيه راتبه طيلة شهر رمضان؟ حتى و لو طبق هو و عائلته كل طرق التقشف و الأحاديث النبوية التي تحث على الاقتصاد و تنبذ التبذير.
هل الوزير مطلع جيدا على وضع الأسعار و إلى أي حد وصلت؟ هل يقيس هذه الأمور حسب راتبه و راتب زملاءه؟
ألا يعلم بأن المصحات و العيادات الخاصة ملئ بالمرضى بفضل تكافل الناس فيما بينهم و بفضل المساجد و الجمعيات الخيرية؟ و لولا هذا التكافل لما استطاعت الغالبية العظمى من الدخول من باب العيادات الخاصة.
من يقدر على تسديد تكاليف عمليات جراحية، الأدنى فيها تقدر بـ 3 ملايين سنتيم. و إن كان هذا المشكل يطرح أيضا لوزير الصحة، إلا أن مثل هذه الحقائق توجه أساسا لمن أنكر وجود الفقراء بالجزائر.
إذا كان الحراق الذي رفض واقعه القاسي و فضل رمي نفسه في البحر و الهجرة غير الشرعية يعتبر مجرما، فكيف نسمي الذي ينكر هذا الواقع القاسي و يغض الطرف عنه؟