مهزلة حفاظات الكبار

حفاظات الكبار أصبحت نادرة في جزائر العزة و الكرامة لدرجة استقدامها من الدول المجاورة، و خاصة تونس، الدولة الشقيقة التي تنعم بالأمن و الوفرة في كل شيء قابل للاستهلاك.
و الجزائر كادت أن تكون مثلها في الوفرة لولا العشوائية و الفوضى التي أصبحت هي السمة الغالبة في كل شيء موجود على هذه الأرض المرتوية بدماء الشهداء فيما مضى، و الآن هي ملك فقط لفئة قليلة تتفرج على معاناة الناس، و ربما تتلذذ برؤيتهم يتهافتون و كأنهم في يوم الحشر من أجل كيلو بطاطا أو علبة دواء أو حفاظة كبار تحفظ للمريض كرامته أمام عاملات المستشفى، و لا داعي للتذكير هنا بأن السجون أصبحت في بلادي أكثر رفاهية من المستشفيات، إنها حقوق الإنسان بالمنظور الجزائري الخلاق.
حفاظات الكبار تستقدم الآن من تونس و فرنسا بالعملة الصعبة، لأن مسؤولين أغبياء منعوا دخولها بطريقة عشوائية دون توفير البديل الذي يسمح بدخولها بطريقة قانونية منظمة، أو دون التأكد أولا إن كانت الكميات المنتجة محليا تكفي كل مرضى الجزائر المقعدين على فراش المعاناة في انتظار صدقة بالعملة الصعبة، صدقة لشراء حفاظات تسمح لهم بقضاء حاجاتهم دون إزعاج الآخرين.
من قبل كنت أجمع المال لشراء هذه الحفاظات من أقرب محل بالمدينة، الآن يجب عليّ أن أبحث أولا عن سائق تاكسي طيب القلب يقبل إحضارها لي من تونس، و بعدها يأتي جمع المال.
اعتدنا في هذه البلاد أن نبرر ندرة أي منتوج هام أو تافه، بأنه أمر مقصود بسبب إنشاء مصنع جديد يملكه جنرال كبير ينتج نفس المادة النادرة.
لا زلت أنتظر هذا الجنرال أو المسؤول الكبير الذي سيغرق السوق الجزائرية بحفاظات الكبار، لكن بدون جدوى.
إلى أين يريدون للوضع أن يصل؟ ماذا بعد ندرة حفاظات الكبار؟ و قبلها كانت ندرة أدوية كثيرة هامة لا يوجد بديل لها في السوق و في المخابر و المصانع المحلية.
إلى أي حد يمكن أن يصل صبر هذا الشعب؟ أم أن الفرحة التي صنعتها كرة القدم جعلته يصدق فعلا أنه يعيش مرحلة عزة و كرامة؟
لاعب كرة القدم وجد من يعيد له كرامته، فمن يعيد كرامة المريض المقعد؟

0 تعليقــات:

إرسال تعليق