"التطفل" على مهنة القلم، ماذا يعني بين أجيال الكتابة؟

سأكون متطفلا و دخيلا

تهمة التطفل أصبحت تطلق على كل من يتجرأ على رفع القلم وكتابة ما وصل إليه متسواه اللغوي والفكري، وكل من يفعل ذلك هو دخيل على ميدان الكتابة بدون تمييز.

التهمة توجه إلى الكاتب الجديد من طرف كتاب قدماء أو أشباه قدماء، قد يكونون من الرواد ومشاهير الكتاب، وقد تكون أسماؤهم بالكاد معروفة، لكنهم يرفضون أن تفتح باب الكتابة لأحد آخر بعدهم، مع أننا في زمن الأبواب المفتوحة دائما، في عصر الانترنيت والمدونات والمنتديات والمواقع الإلكترونية المجانية، والكثير من هذه المواقع جدير بالاحترام لأنها لا تتطلب واسطة أو تزكية للنشر، فتأشيرة مرورك هي أسلوبك في الكتابة ومحتوى كتاباتك.

هناك من يزعجه تلاشي الاحتكار في زمن الانترنيت، بعضهم يفضل بقاء احتكار الجرائد الورقية ومطابع الكتب لكل حرف وكلمة، مع أن الكثير منهم استفاد من شبكة الانترنيت كثيرا قبل أي أحد آخر.

كل مجال في الحياة تجد فيه الرجل المناسب في المكان المناسب، وتجد فيه أيضا الدخيل و المتطفل، حتى في ميدان الدين والوعظ والإمامة، وفي مجال الأعمال الخيرية والنشاطات الاجتماعية أيضا، ليس كل من زار طفلا مريضا في المستشفى هو فاعل خير، قد يكون مهووسا وجد ضالته في جمعيات الأطفال ليترجم مرضه النفسي، و قد يكون محتالا مختلسا وجد في أموال الجمعية إشباعا لطمعه وخسة نفسه.

ميدان الكتابة أيضا، فيه الدخلاء، لكن من الغريب أن تطلق صفة التطفل على كل من يحمل القلم لأول مرة، وكأن المساحة لا تتسع إلا للقدماء، والشباب يجب أن يبقوا مجرد قراء حتى لو كانوا موهوبين، أو أن الشباب الموهوب الذي يفتقر للواسطة والتزكية يجب أن يبقى مغمورا طيلة حياته؟

بعض المحتكرين لا يرحمون ولا يتركون رحمة الله تنزل، ويتعمدون تجاهل المادة الموضوعة أمامهم والمكتوبة من طرف متطفل جديد، حتى لو كان موهوبا جدا واعترف له الكثير من القراء وأصحاب الاختصاص بذلك.

كما أن بعضهم إذا ساعدك ينتظر منك أن تكون إنسانا آليا يسير وراء أوامره و يمجد بحمده أين ذهب.

كما أن بعض المحتكرين يطبقون احتكارهم على فئة دون الأخرى، فالكاتبة الجديدة المتساهلة جدا في الكلام و التصرف و المعاملة و كل شيء آخر، أكيد لن تلقى العراقيل التي تجدها زميلتها التي ترفض تقديم شيء عدا كتاباتها، أو كاتب جديد لا يجيد فنون التملق و التقرب من أصحاب القرار في النشر.

و مع ذلك فالميدان لا يخلو من النبلاء، الذين لا تعلم يسارهم ما قدمت يمينهم من خير و دعم للشاب الجديد المتطفل.

الجميل في شبكة الانترنيت أنها واسعة جدا، و دائما تجد فيها خيارات كثيرة جدا، خيارات لا تتوقف أبدا ما دامت الحياة موجودة، و لن يكون هناك احتكار أبدا في زمن الانترنيت.

0 تعليقــات:

إرسال تعليق